كان من أشرس المدافعين عن البوليساريو.. مسؤول أمريكي سابق مهدد بالسجن لعشر سنوات

تلقت الجزائر وجبهة البوليساريو الانفصالية ضربة جديدة تضاف إلى سلسلة النكسات التي تتوالى عليها، بعدما وجد أحد أبرز الأصوات الأمريكية التي كانت تروج لأطروحتها الانفصالية نفسه في مواجهة تهم ثقيلة قد تزج به في السجن لعشر سنوات، حيث يدور الحديث عن جون بولتون، المستشار السابق للأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، الذي وجهت إليه اتهامات جنائية فدرالية تتعلق بتسريب معلومات حساسة تخص الأمن القومي الأمريكي.
وأصبح بولتون، المعروف بمواقفه المعادية للوحدة الترابية للمملكة ودعمه الصريح للطرح الانفصالي، اليوم في مرمى العدالة الأمريكية بعد أن أقرت هيئة محلفين كبرى في ولاية ماريلاند بوجود أدلة كافية لتوجيه الاتهام إليه، إذ تضمنت لائحة الاتهام ثماني تهم تتعلق بنقل معلومات سرية للدفاع الوطني وعشر تهم إضافية بالاحتفاظ غير القانوني بها، وهي جرائم في حال إدانته قد تكلفه عقوبات تصل إلى عشر سنوات سجنا عن كل تهمة.
وتفجرت القضية بعد أن فتش عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي منزل بولتون ومكتبه في غشت الماضي، ضمن تحقيق يتعلق بتسريب وثائق سرية تخص الدفاع الوطني الأمريكي، حيث كشفت أن بولتون استخدم بريده الإلكتروني الشخصي وتطبيقات مراسلة خاصة لتبادل معلومات وصفت بـ"الغاية في الحساسية" تتعلق بالأمن القومي والعلاقات الخارجية للولايات المتحدة، بل تضمنت أيضا تفاصيل عن هجمات مستقبلية وأطراف أجنبية معادية.
ورغم تمسك بولتون ببراءته، مدعيا أن ما احتفظ به لم يكن سوى مذكرات شخصية غير مصنفة، إلا أن لائحة الاتهام تشير إلى أنه شارك أكثر من ألف صفحة من معلومات سرية مع أقاربه، من ضمنها يوميات من فترة عمله مستشارا للأمن القومي، كما ذكرت تقارير التحقيق أن بريده الإلكتروني تعرض للاختراق من طرف جهة يعتقد أنها تابعة لإيران، ما جعل تلك الوثائق الحساسة عرضة للاطلاع من طرف قوى أجنبية معادية لواشنطن.
وأسقط هذا التطور القضائي ما تبقى من مصداقية أحد أبرز الشخصيات التي طالما حاولت الضغط داخل أروقة الإدارة الأمريكية لصالح الجزائر والبوليساريو، خاصة وأن مواقفه المعادية للمغرب لم تكن خافية خلال فترة عمله في البيت الأبيض ولا بعدها، حيث كان من أبرز معارضي قرار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وسعى في أكثر من مناسبة إلى الدفع بمقترحات انفصالية داخل أروقة مجلس الأمن، قبل أن يغادر المشهد السياسي تحت سيل الانتقادات.
ووجد بولتون نفسه اليوم محاطا بتهم خطيرة تضع مستقبله السياسي والقانوني على المحك، بعدما تحول من منظر يدعي الدفاع عن "الحرية وتقرير المصير" إلى متهم بخيانة أسرار بلاده وتسريب وثائق حساسة، وهي المفارقة التي تثبت كيله بمكيالين إذ أن الرجل الذي كان يسعى لتأليب الرأي العام الدولي ضد المغرب بدعوى الدفاع عن "حقوق الإنسان"، بات اليوم عنوانا لقضية تمس صميم الأمن القومي الأمريكي نفسه.
وتؤكد حادثة بولتون أن طريق الجزائر والبوليساريو يزداد ظلمة، فبعد أن فقدا الدعم في القارة الإفريقية وتقلصت رقعتهما الدبلوماسية، ها هما يخسران أحد أبرز الأصوات التي كانت تساندها في واشنطن، إذ تؤكد المؤشرات أن بولتون، الذي كان يوما ما يحاول تعطيل الدينامية المغربية في ملف الصحراء، يواجه اليوم مصيرا قانونيا قاسيا قد ينهي مسيرته نهائيا ويقضي على أي نفوذ سياسي أو إعلامي متبق له.
ويظهر أن العدالة الأمريكية وإن كان السبب الأساسي لا علاقة له بملف الصحراء، قد وجهت ضربة موجعة غير مباشرة للجزائر وصنيعتها جبهة البوليساريو، إذ أسقطت أحد آخر الأوراق التي كانت تراهن عليها بالبيت الأبيض، وبذلك، يصدق القول إن طريق "الكابرانات" والبوليساريو كحلة، وأيامهما السياسية والإعلامية في واشنطن باتت معدودة.