مسودة مسربة لقرار مجلس الأمن المقبل تثير غليان مناصري الوهم الانفصالي بمخيمات الذل والعار

أفادت مصادر من داخل مخيمات تندوف بأن موجة غير مسبوقة من الغضب والارتباك تعم صفوف مناصري جبهة البوليساريو منذ مساء أمس، عقب تسريب مسودة قرار مجلس الأمن المقبل، التي تضمنت الإشارة الصريحة إلى مبادرة الحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
ونزل الخبر كالصاعقة داخل المخيمات، حيث سادت حالة من الاحتقان والانقسام بين من صدق التسريب ومن شكك في مصداقيته، وسط تصاعد أصوات الاتهام لقيادة الجبهة بالعجز عن تحقيق أي مكاسب ميدانية أو سياسية، بل واتهامها ببيع القضية والمتاجرة بمعاناة الساكنة.
وتحدث منتدى "فورساتين"، الذي كان أول من نشر تفاصيل المسودة المسربة، عن حالة غليان وارتباك كبيرين وسط المخيمات، حيث تداول السكان ما تضمنته الوثيقة التي اعتبرت بمثابة إقرار واضح من المنتظم الدولي بأن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تشكل الإطار الواقعي والوحيد القابل للتطبيق لإنهاء هذا النزاع الطويل الأمد.
وفي الوقت الذي حاولت فيه قيادات البوليساريو احتواء الموقف، خرج ممثل الجبهة لدى الأمم المتحدة لينفي ما تم تداوله، مدعيا أن الوثيقة لا تعكس سوى الموقف الأمريكي من النزاع، غير أن هذه التصريحات لم تقنع ساكنة المخيمات، بل زادت من تأجيج الغضب الشعبي وعمقت الشعور بأن القضية تقترب فعلا من نهايتها، وأن مسار التسوية الدولية يسير في اتجاه الحسم النهائي لصالح المغرب.
وتزامنت الصدمة داخل المخيمات مع ردود فعل دولية دعمت هذا التوجه، أبرزها تصريح مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية، الذي أكد أن الرئيس ترامب شدد على سيادة المغرب الكاملة على صحرائه، مضيفا أن الوقت حان لإيجاد حل دائم ونهائي لهذا الملف، وأن الولايات المتحدة ستفتح قريبا قنصلية جديدة في الأقاليم الجنوبية للمملكة، في خطوة وصفت بأنها تأكيد جديد على الموقف الثابت لواشنطن من القضية.
وفي خضم هذه التطورات، عبر عدد من مناصري الطرح الانفصالي في تدوينات متفرقة عن سخطهم مما وصفوه بـ"الخيانة الكبرى"، حيث كتب أحدهم: "الوثيقة مؤكدة، وهي صادرة من أمريكا ووزعت على الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن، وتتحدث صراحة عن الحكم الذاتي كأساس وحيد للتفاوض"؛ فيما سخر آخر قائلا: "يتحدثون عن تقرير المصير ثم في الفقرة التالية يشيدون بالحكم الذاتي! أي فصام وتناقض أقذر من هذا؟ إنهم لا يريدون حل النزاعات بل تجميدها".
أما أحد المعلقين الغاضبين فاختصر الموقف بعبارة لاقت تفاعلا واسعا: "تم بيع البوليساريو باختصار"، ليرد عليه آخر قائلا: "بل تم بيعها منذ البداية"، في إشارة إلى أنها لم تكن سوى أداة في يد النظام الجزائري لخدمة أطماعه التوسعية.
ومع استمرار الجدل داخل المخيمات، تتضح أكثر ملامح مرحلة جديدة من الوعي لدى المحتجزين في تندوف، الذين باتوا يدركون أن العالم لم يعد مستعدا لتضييع المزيد من الوقت في نزاع ولد ميتا، وأن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب منذ سنوات أصبحت اليوم الخيار الواقعي الوحيد القادر على طي هذا الملف بشكل نهائي وعادل.