هل ستنجح "رشيدة داتي" ذات الأصول المغربية هذه المرة فيما فشلت فيه سابقًا وتحوز عمودية "باريس"؟

رغم هزيمتها السابقة في الانتخابات البلدية سنة 2020 كمرشحة لليمين الفرنسي في سباق "عمودية" العاصمة باريس، مازالت السياسية ذات الأصول المغربية رشيدة داتي متمسكة بحلمها لتسيير عاصمة الأنوار، من خلال عزمها الترشح للانتخابات المقبلة في 2026.
رشيدة داتي، القانونية والسياسية البارزة، تحملت العديد من المناصب الوزارية، إذ كانت أول مغربية، بل وعربية، تجلس على كرسي وزير العدل في فرنسا، لتكون بذلك حافظة لأختام الجمهورية، وهي حاليًا عمدة للمقاطعة السابعة بباريس. ويبدو أن داتي، والتي تواجهها عواصف من الانتقادات، ستحاول تجاوز أخطاء تجربتها الانتخابية السابقة، والتي لم تحصل في دورتها الثانية سوى على 32 بالمئة من أصوات الناخبين، مقابل أزيد من 50 بالمئة لمنافستها الاشتراكية آن هيدالغو. ولكن المتتبعين اعتبروا أن رشيدة خسرت معركة ولم تخسر حربًا، وأن عينها مازالت على قصر البلدية التاريخي المطل على نهر السين، بل ويقال إنها تفاهمت مع الرئيس ماكرون على قبولها حقائب في وزاراته، رغم خلافها معه، مقابل أن يدعم حزبه ترشيحها للعمودية.
ورغم الانتقادات التي تُوجَّه لداتي وتصفها بالمخلوقة العاصفة التي تخوض المعارك دون درع، وتزدري بالدبلوماسية، وتواجه خصومها بعبارات ساخرة مثيرة، إلا أنها تبقى ذات طموح غير عادي، إذ نشأت في ضاحية شعبية لأب مغربي وأم جزائرية وسط أحد عشر شقيقًا وشقيقة. واشتغلت في كل الأعمال الصغيرة، واجتهدت في دراستها، وتمكنت من بلوغ معهد القضاة. كما اعتمدت على بريق شخصيتها في ربط علاقات متميزة دفعت بها إلى أعلى المناصب، ونجحت بذلك فيما لم تحلم به مهاجرة قبلها. بل إن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي استخدمها واجهة لفرنسا المتنوعة الأعراق والديانات، وكسب بتعيينها في حكومته وزيرة للعدل نقطة كبرى ضد خصومه. وصارت رشيدة داتي عنوانًا للواقعية السحرية في السياسة الفرنسية.
للإشارة، وُلدت رشيدة داتي في 27 نونبر 1965 في حي سان ريمي بمنطقة سون إي لوار بوسط فرنسا، وهو حي تقطنه الطبقات الفقيرة والمتوسطة. أبوها، امبارك داتي، عامل بناء من أصل مغربي هاجر إلى فرنسا عام 1963 وتوفي عام 2017، أما والدتها فهي فاطمة الزهراء داتي، ربة بيت من أصل جزائري توفيت عام 2001.
ترعرعت داتي في كنف أسرة كبيرة تتكون من 12 طفلًا كما قلنا: 8 فتيات و4 أولاد. وتزوجت عام 1992 من مهندس جزائري، لكنها علاقة لم تدم أكثر من 3 سنوات لتنتهي بالطلاق. وفي سنة 2009 أنجبت داتي طفلة أسمتها "زهرة" تكريمًا لروح والدتها، والتي رافقها جدل كبير بشأن هوية الأب، بل وتحدثت تقارير صحفية حينها عن مشاهير من عالم المال والأعمال والرياضة والسياسة، بالنظر إلى شبكة علاقاتها الواسعة، قبل أن تعمد داتي إلى رفع قضية اعتراف بالنسب على رجل الأعمال دومينيك داسيغن، الذي رفض الإقرار بأبوته للطفلة، فقضت المحكمة لصالحها، وفرضت على داسيغن نفقة شهرية لها ولابنتها.
مسار طويل وغني لنجمة سياسية شرعت في تلميع صورتها استعدادًا للانتخابات البلدية هذه المرة مبكرًا، وكثّفت حضورها على منصات السوشال ميديا، وهي في الشارع وفي الأسواق تتحدث إلى مواطنات ومواطنين من أعراق وألوان وأصول مختلفة.
ولسان حالها وبريق عينيها يقول: إنها باتت أكثر إصرارًا على الفوز في 2026.