هوس التنظيف.. عندما تتحول العادة الصحية إلى اضطراب نفسي يقيّد الحياة

سبتمبر 30, 2025 - 17:55
 0
هوس التنظيف.. عندما تتحول العادة الصحية إلى اضطراب نفسي يقيّد الحياة

تُعد النظافة مطلباً أساسياً للصحة والراحة، غير أن الإفراط فيها قد يتجاوز حدود السلوك الطبيعي ليتحول إلى حالة نفسية تعرف بـ"هوس التنظيف"، وهو أحد أبرز أشكال اضطراب الوسواس القهري (OCD). ويعيش المصاب بهذا الهوس في دائرة من الأفكار القهرية التي تتمحور حول الخوف المبالغ فيه من التلوث أو الجراثيم أو المواد الكيميائية، ما يدفعه إلى طقوس تنظيف متكررة ترهقه وتستنزف وقته.

ويتجسد هذا الاضطراب في وساوس تفرض نفسها على المريض كأفكار اقتحامية مقلقة، يتبعها سلوكيات قهرية مثل غسل اليدين أو الاستحمام بشكل مفرط، واستخدام مواد تنظيف قوية لمسح الأسطح حتى وإن كانت نظيفة، إضافة إلى ترتيب الأشياء بطريقة مثالية يصعب الإخلال بها. ورغم إدراك المصاب لعدم واقعية مخاوفه، إلا أنه يشعر بالاضطرار للقيام بهذه الطقوس لتفادي كارثة متخيلة، ما ينعكس سلباً على عمله وعلاقاته وصحته الجسدية.

وتشير الدراسات إلى أن الأسباب وراء هذا الهوس متعددة، منها عوامل بيولوجية مثل اختلال توازن الناقل العصبي السيروتونين في الدماغ، إلى جانب الاستعداد الجيني في حال وجود تاريخ عائلي للاضطراب. كما قد تؤدي الصدمات النفسية أو بيئات الطفولة الصارمة إلى زيادة احتمالية الإصابة.

ورغم شدة الأعراض، فإن هوس التنظيف قابل للعلاج بفعالية كبيرة. ويُعتبر العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، ولا سيما تقنية التعرض ومنع الاستجابة (ERP)، من أكثر الطرق نجاحاً، حيث يُدرَّب المريض تدريجياً على مواجهة المحفزات من دون الانخراط في الطقوس القهرية حتى يتضاءل القلق. وفي بعض الحالات، تُستخدم أدوية من فئة مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) للمساعدة في إعادة التوازن الكيميائي للدماغ.

ويؤكد الأطباء النفسيون أن الهدف من العلاج ليس منع التنظيف نهائياً، بل مساعدة المريض على التحكم في استجابته للمخاوف وتقليل حدتها، ما يتيح له استعادة توازنه والعيش بجودة حياة أفضل.