إعلام العسكر يعترف بالهزيمة.. "الشروق" تكتب شهادة سقوط النظام الجزائري في مواجهة المغرب

كعادته، لجأ نظام الكابرانات إلى أبواقه الإعلامية المأجورة من أجل تصريف مواقفه المعادية للمغرب، في محاولة يائسة جديدة لامتصاص غضب الشارع الجزائري الذي بدأ، خلال الأسابيع الماضية، يستشعر أن ملف الصحراء الذي أنفقت عليه الجزائر ما يزيد عن 500 مليار دولار من قوت الشعب على امتداد خمسة عقود، يقترب من نهايته المحتومة.
ولأن الاعتراف بالفشل مكلف في نظام لا يعرف آليات المحاسبة ولا يتقن سوى سياسة تحويل الأنظار، فقد لجأ الجزائر مجددا إلى استدعاء الخطاب الدعائي القديم نفسه: "المغرب محمية غربية، وفرنسا وواشنطن تنقذانه كلما اهتز عرشه".
في سياق متصل، نشرت صحيفة "الشروق" الموالية لنظام الكابرانات مقالًا تحت الطلب بإيعاز من العسكر، عنونته بـ"الدور الوظيفي للرباط يحتم على الغرب التكفل بتوفير الحماية له"، وهو المقال الذي يرى فيه عدد من المحللين أنه يندرج ضمن سلسلة من المواد الدعائية التي دأبت المؤسسة العسكرية الجزائرية على تسويقها كلما واجهت إخفاقًا سياسيًا أو دبلوماسيًا، مؤكدين أن المقال في جوهره، ليس تحليلًا موضوعيًا، بل محاولة لتبرير فشل النظام في إقناع الجزائريين بجدوى العداء المزمن تجاه المغرب، ولإيهامهم بأن تقدم الرباط على الساحة الدولية ليس نتيجة استقرارها المؤسساتي ورؤيتها الاستراتيجية، بل بسبب "دعم خارجي" مزعوم من القوى الغربية.
ويؤكد مراقبون أن مثل هذه المقالات تكشف عن سوء فهم بنيوي لطبيعة العلاقات الدولية الحديثة، إذ إن القول بأن فرنسا أو الولايات المتحدة "تحميان" النظام المغربي يتنافى مع الحقائق السياسية والاقتصادية الراسخة. فالمغرب اليوم يعد شريكًا استراتيجيًا معترفًا به من طرف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على أساس المصالح المتبادلة والتعاون المثمر في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب والهجرة والتنمية بإفريقيا. هذه المكانة لم تُمنح للمغرب مجاملة، بل نالها بفضل استقراره السياسي ومصداقيته الدولية، عكس النظام الجزائري الذي ما زال أسير خطاب أيديولوجي متقادم يرى في كل علاقة دولية "وصاية" أو "حماية".
وفي السياق نفسه، يرى محللون أن محاولة "الشروق" الزجّ بفرنسا في كل تقدم مغربي ليست سوى استمرار لخطاب عقدي متجاوز، مشيرين إلى أن فرنسا لا تملك سلطة على القضاء الأوروبي ولا على قرارات مؤسساته المستقلة، وموقفها من قضية الصحراء هو موقف سياسي واضح يعتبر مبادرة الحكم الذاتي المغربية الإطار الأكثر جدية وواقعية لتسوية النزاع. هذا الموقف تشاركه دول كبرى في الاتحاد الأوروبي كألمانيا وإسبانيا وهولندا، ما يفنّد الادعاء بأن باريس "تتحدى العدالة الأوروبية" خدمةً للرباط.
كما يرى عدد من الخبراء أن تصوير الولايات المتحدة كطرف "يسعى لإنقاذ القصر العلوي" وفق رواية "الشروق" أو من يهمس في أذنها، هو تبسيط مخلّ لطبيعة العلاقة بين البلدين. فالمغرب يتمتع، منذ سنة 2004، بوضع "الحليف الرئيس من خارج الناتو"، وهو تصنيف لا يُمنح إلا للدول التي أثبتت جدارتها كشريك استراتيجي في الاستقرار الإقليمي ومحاربة الإرهاب، مشيرين إلى أن المبادرات الأميركية بخصوص ملف الصحراء ليست "إنقاذًا" ولا "انحيازًا"، بل تعبير عن دعم واشنطن لمسار أممي يهدف إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم، وهو ما يتطابق تمامًا مع مبادرة الحكم الذاتي المغربية.
ذات المحللين يرون أن إقحام الشأن الداخلي المغربي في هذا السياق يعكس عجز النظام الجزائري عن قراءة الواقع المغربي بموضوعية. فالمغرب، رغم التحديات الاجتماعية والاقتصادية، يعرف دينامية سياسية مفتوحة و إصلاحات مؤسساتية متواصلة، بينما يعيش النظام الجزائري حالة انسداد بنيوي وغيابًا لأي أفق ديمقراطي حقيقي. ومن هذا المنطلق، لا يمكن تفسير الحملة الإعلامية ضد المغرب إلا كمحاولة لصرف الأنظار عن الأزمات الداخلية المتفاقمة في الجزائر، وعن التساؤلات الشعبية المتزايدة حول مصير الثروات الطائلة التي لم تنعكس على حياة المواطن الجزائري.
ويؤكد عدد من المراقبين أن توصيف "النظام الوظيفي" الذي تردده وسائل الإعلام الجزائرية هو إسقاط نفسي وسياسي أكثر منه توصيفًا واقعيًا. فالدولة الوظيفية هي التي تضع مواردها في خدمة أجندات خارجية دون مقابل سياسي أو اقتصادي، أما المغرب فقد بنى علاقاته الخارجية على أساس الندية والاحترام المتبادل، ونسج شراكات متوازنة مع الغرب والشرق على حد سواء، دون التفريط في سيادته أو استقلال قراره الوطني.
في المحصلة، يظهر أن مقال "الشروق" ليس سوى محاولة جديدة لإعادة تدوير خطاب عدائي متجاوز، يهدف إلى التغطية على فشل النظام الجزائري في تدبير ملف الصحراء وعلى عجزه البنيوي في إقناع الرأي العام بجدوى استنزافه للثروة الوطنية في قضية لا تخصه. فالمغرب، بخطواته الثابتة واستراتيجيته الواقعية، أثبت أنه فاعل سيادي يمتلك رؤية واضحة لمصالحه، في حين ما زال خصومه يبحثون عن شماعة خارجية يعلقون عليها إخفاقاتهم المستمرة.