قائمة صادمة في الصين: وفاة عشرات الباحثين الشباب تثير جدلاً واسعاً حول ضغوط الأكاديميا

أثارت قائمة نُشرت على منصة المبرمجين الصينية CSND موجة واسعة من الجدل، بعدما كشفت عن وفاة ما لا يقل عن 76 باحثاً دون سن الستين خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2025، مقارنة بـ 44 حالة فقط طوال عام 2024. ومن بين الأصغر سناً كان دونغ سيجيا، عالم المحيطات (33 عاماً) الذي توفي بعد عودته من مسيرة أكاديمية واعدة في الولايات المتحدة.
وبناء على هذا الإحصاء الأولي، اشتعلت النقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الجامعات، حيث رأى كثيرون أن هذه الأرقام تعكس ضغوطاً غير مسبوقة داخل المؤسسات العلمية الصينية، تشمل المنافسة الشرسة، كتابة المنح باستمرار، ومتطلبات أداء تعتمد على الكم والإنتاج، على حساب الصحة النفسية والرفاهية.
ومع ذلك، حذر خبراء من الاعتماد الكلي على هذه البيانات، مؤكدين أن قاعدة CSND غير مكتملة وقد تحتوي على أخطاء في التصنيف. ورغم ذلك، يبقى توقيت الجدل لافتاً، خاصة بعدما شهد سبتمبر الماضي وفاة ثلاثة علماء شباب من جامعات مرموقة، وهو ما سلط الضوء على بيئة أكاديمية مُرهِقة تتسم بالتنافس على التثبيت الوظيفي وتراجع فرص التمويل، وفق تقرير لصحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست.
وعلى مستوى الدراسات العلمية، بدأت صورة أكثر وضوحاً بالظهور. ففي أبريل 2025، نشر عالم الاجتماع كاري وو وزملاؤه دراسة في مجلة Preventive Medicine Reports، رصدوا فيها 130 حالة انتحار في الوسط العلمي الصيني بين عامي 1992 و2024، معظمها لطلاب وباحثين شباب، مع زيادة واضحة بمرور الزمن. وتشير هذه النتائج، إلى جانب دراسات حول الإجهاد المهني، إلى أن المشكلة نظامية لا فردية.
كما تتكرر الظاهرة عالمياً، إذ رصدت أبحاث في أستراليا وأوروبا والولايات المتحدة معدلات مرتفعة من الإرهاق والاكتئاب بين شباب الأكاديميا، ما يعكس واقعاً مشتركاً يقوم على ثقافة إنتاجية شرسة، وساعات عمل طويلة، وتوقعات مستمرة بتحقيق نتائج بحثية جديدة، في وقت تتضاءل فيه فرص العمل المستقر.
وتبرز في النهاية رسالة واضحة: استدامة البحث العلمي لا تعتمد فقط على التمويل والمختبرات، بل على حماية الباحثين أنفسهم. فابتكار المستقبل يتطلب نظاماً أكاديمياً يوفر دعماً نفسياً ومهنياً حقيقياً، بعيداً عن ضغط الأرقام ومقاييس الأداء، لضمان بقاء الموهبة العلمية وازدهارها.