‏النووي يعود بقوة .. كيف يقود الذكاء الاصطناعي عصر الطاقة الجديدة؟

ديسمبر 6, 2025 - 08:35
 0
‏النووي يعود بقوة .. كيف يقود الذكاء الاصطناعي عصر الطاقة الجديدة؟

مع تزايد الطلب الهائل للطاقة بسبب الذكاء الاصطناعي، ودعم الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب، واندفاع رواد الأعمال الشباب لجمع مليارات الدولارات لبناء مفاعلات صغيرة، يعود الاهتمام بالطاقة النووية إلى الواجهة، مع آفاق غير محدودة للنمو.

في مصنع شركة "آلو أتوميكس" ( Aalo Atomics ) بمدينة أوستن، تكساس، يقوم العمال بلف ألواح فولاذية سميكة لتشكيل أسطوانات يبلغ ارتفاعها 25 قدماً، ستحتوي في النهاية على قلب مفاعل نووي صغير بقدرة 10 ميغاوات.

بإمكان خمسة من هذه المفاعلات، تعمل معًا، أن تولد 50 ميغاوات كافية لتشغيل مركز بيانات كبير أو نحو 45 ألف منزل.

"الحرجة النووية"

يؤكد مات لوسزاك، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة آلو أتوميكس ، أن المشروع لم يعد فكرة نظرية: "ليس مجرد مفاعل على الورق؛ نحن بصدد بنائه بالفعل".

وتخطط الشركة لتحقيق "الحرجة النووية" بحلول 4 يوليو/تموز 2026، موعد الاحتفال بالذكرى الـ250 لتأسيس أمريكا، وفق الهدف الذي حدده الرئيس ترامب لنجاح ثلاثة مشاريع نووية أمريكية على الأقل.

ويعني تحقيق "الحرجة" تحميل قضبان الوقود النووي وإطلاق سلسلة تفاعلات انشطار نووي مستدامة، وسيأتي إنتاج الكهرباء الفعلي لاحقًا بعد إكمال سلسلة التوريد والحصول على موافقات هيئة الرقابة النووية الأمريكي

ويطمح لوسزاك لإنتاج الكهرباء بحلول 2027، مع خطط لبناء مصنع ضخم بمساحة تصل إلى مليون قدم مربع لتصنيع المفاعلات بكميات كبيرة.

الطلب المتزايد على الطاقة

يزداد الطلب على الكهرباء بشكل كبير بسبب مراكز البيانات التي تدعم الذكاء الاصطناعي.

ولا يسعى لوسزاك وحده للاستفادة من هذا الطلب، إذ تنافس عشرات الشركات الناشئة مثل فالار أتوميكس ( Valar Atomics)، أوكلو (Oklo)، كايروس باور ( Kairos Power ) و إكس إنرجي (X-energy ) لتطوير مفاعلات صغيرة قابلة للتصنيع المسبق، يمكنها تزويد مراكز البيانات بالطاقة أو حتى تغذية الشبكة الكهربائية العامة.

في 2025، استثمر رأس المال المغامر، والمستثمرون في سوق الأسهم، والمليارديرات، ووزارة الطاقة الأمريكية أكثر من 4 مليارات دولار في هذه الشركات الناشئة، مقارنة بنحو 500 مليون دولار في 2020، وفق بيانات "بيتش بوك".

شركة آلو وحدها جمعت 136 مليون دولار، مع قيادة الاستثمار من أنطونيو غراسياس ( Antonio Gracias) و فالور إكوِتي بارتنرز ( Valor Equity Partners) ، الشركة نفسها التي دعمت تسلا في بداياتها.

النجاح ليس مضمونًا، لكن الظروف تبدو مواتية لعودة الطاقة النووية. فوفق سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن أيه آي ( OpenAI)، ستحتاج شركات الذكاء الاصطناعي نحو 250 غيغاوات من الطاقة خلال ثماني سنوات، أي ما يعادل استهلاك البرازيل.

ويتوقع المحللون أن الطلب على الطاقة من مراكز البيانات سيتضاعف بحلول 2030، في حين أن الغاز الطبيعي قد يلبّي 60٪ فقط من الحاجة، مع تأخر توريد التوربينات لأربع سنوات. أما الفحم والرياح والطاقة الشمسية، فهي إمّا غير مرغوبة أو غير موثوقة لمتطلبات التشغيل المستمر.

دعم سياسي وتكنولوجي

تلقى المفاعلات النووية الصغيرة دعمًا غير مسبوق. فقد ألغت إدارة ترامب مشاريع الرياح والطاقة الشمسية، بينما وسعت الحوافز الضريبية للطاقة النووية لتصل إلى 40% من الاستثمار.

كما أعادت هيكلة هيئة الرقابة النووية لتسهيل منح التراخيص، مع تشجيع الشركات الناشئة على بناء مفاعلاتها في قواعد عسكرية أو مواقع تاريخية مثل "مختبر أيداهو الوطني".

يصف بعض المستثمرين الطاقة النووية بأنها "الطلقة الفضية" لمواجهة التغير المناخي، وفق درو وانزيلاك من شركة "أَلُمْنَي فِنْتشرز" .

عودة النووي

لم يكن المستقبل النووي مشرقًا بعد حادث فوكوشيما 2011، وما أعقبه من إغلاق مواقع في اليابان وألمانيا، كما عانت الصناعة الأمريكية منذ حادث نووي على إحدى جزرها في عام 1979.

غير أن التحديات التنظيمية والتكاليف الباهظة لم تمنع المستثمرين من ضخ أموالهم في تصميمات المفاعلات الصغيرة، خاصة بعد غزو روسيا لأوكرانيا 2022 وزيادة الطلب على الطاقة من الذكاء الاصطناعي.

نماذج مبتكرة

تستخدم شركة كايروس باور نظامًا مبتكرًا بتبريد الملح المنصهر ووقود ترايسو ، الذي يضمن مقاومة المفاعلات للانصهار والهجمات الإرهابية. أما فالار أتوميكس ، فتطور مفاعلاتها بحرص على أن تكون "تويوتا كورولا المفاعلات، وليس لامبورغيني"، (في إشارة إلى الرغبة في تحقيق الاعتمادية الطويلة والأداء المستدام).

أوكلو، دون حتى بناء مفاعل تجريبي، استفادت من الاهتمام العام وطرحها للاكتتاب العام في 2024، بينما تواصل تيرا باور (TerraPower ) وبيل غيتس(Bill Gates ) تطوير مفاعل الملح المنصهر دون الحصول على موافقة هيئة الرقابة بعد 17 سنة من الاستثمار.

النووي الكبير لا يزال خيارًا

بالإضافة إلى المفاعلات الصغيرة، تستثمر شركات مثل ويستنغهاوس ( Westinghouse ) وفيرمي أميركا (Fermi America ) في مفاعلات كبيرة تقليدية، مدعومة بإجراءات تسريع التراخيص من الإدارة الأمريكية، مع خطط لتوفير الطاقة لمراكز بيانات ضخمة. وفق توبى نيوجيباور، الرئيس التنفيذي لـ فيرمي، فإن الهدف هو جعل تكساس مركزًا للطاقة النووية لدعم الذكاء الاصطناعي، مع منافسة الصين في مجال الطاقة النووية.

الطاقة النووية الصغيرة تعود بقوة، مدفوعة بالطلب المتزايد من الذكاء الاصطناعي، الدعم السياسي، والابتكار التكنولوجي. بينما تواجه الشركات الناشئة تحديات تنظيمية وهندسية، يبدو أن الوقت الحالي يمثل فرصة تاريخية لإعادة بناء قطاع نووي متقدم، قادر على تلبية احتياجات العالم للطاقة النظيفة والموثوقة.

المصدر: فوربس




النووي يعود بقوة .. كيف يقود الذكاء الاصطناعي عصر الطاقة الجديدة؟

2025/12/06 أرقام

مع تزايد الطلب الهائل للطاقة بسبب الذكاء الاصطناعي، ودعم الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب، واندفاع رواد الأعمال الشباب لجمع مليارات الدولارات لبناء مفاعلات صغيرة، يعود الاهتمام بالطاقة النووية إلى الواجهة، مع آفاق غير محدودة للنمو.

في مصنع شركة "آلو أتوميكس" ( Aalo Atomics ) بمدينة أوستن، تكساس، يقوم العمال بلف ألواح فولاذية سميكة لتشكيل أسطوانات يبلغ ارتفاعها 25 قدماً، ستحتوي في النهاية على قلب مفاعل نووي صغير بقدرة 10 ميغاوات.

بإمكان خمسة من هذه المفاعلات، تعمل معًا، أن تولد 50 ميغاوات كافية لتشغيل مركز بيانات كبير أو نحو 45 ألف منزل.

"الحرجة النووية"

يؤكد مات لوسزاك، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة  آلو أتوميكس ، أن المشروع لم يعد فكرة نظرية: "ليس مجرد مفاعل على الورق؛ نحن بصدد بنائه بالفعل".

وتخطط الشركة لتحقيق "الحرجة النووية" بحلول 4 يوليو/تموز 2026، موعد الاحتفال بالذكرى الـ250 لتأسيس أمريكا، وفق الهدف الذي حدده الرئيس ترامب لنجاح ثلاثة مشاريع نووية أمريكية على الأقل.

ويعني تحقيق "الحرجة" تحميل قضبان الوقود النووي وإطلاق سلسلة تفاعلات انشطار نووي مستدامة، وسيأتي إنتاج الكهرباء الفعلي لاحقًا بعد إكمال سلسلة التوريد والحصول على موافقات هيئة الرقابة النووية الأمريكي

ويطمح لوسزاك لإنتاج الكهرباء بحلول 2027، مع خطط لبناء مصنع ضخم بمساحة تصل إلى مليون قدم مربع لتصنيع المفاعلات بكميات كبيرة.

الطلب المتزايد على الطاقة

يزداد الطلب على الكهرباء بشكل كبير بسبب مراكز البيانات التي تدعم الذكاء الاصطناعي.

ولا يسعى لوسزاك وحده للاستفادة من هذا الطلب، إذ تنافس عشرات الشركات الناشئة مثل فالار أتوميكس ( Valar Atomics)، أوكلو (Oklo)، كايروس باور ( Kairos Power ) و إكس إنرجي (X-energy  ) لتطوير مفاعلات صغيرة قابلة للتصنيع المسبق، يمكنها تزويد مراكز البيانات بالطاقة أو حتى تغذية الشبكة الكهربائية العامة.

في 2025، استثمر رأس المال المغامر، والمستثمرون في سوق الأسهم، والمليارديرات، ووزارة الطاقة الأمريكية أكثر من 4 مليارات دولار في هذه الشركات الناشئة، مقارنة بنحو 500 مليون دولار في 2020، وفق بيانات "بيتش بوك".

 شركة آلو وحدها جمعت 136 مليون دولار، مع قيادة الاستثمار من أنطونيو غراسياس ( Antonio  Gracias) و فالور إكوِتي بارتنرز ( Valor Equity Partners) ، الشركة نفسها التي دعمت تسلا في بداياتها.

النجاح ليس مضمونًا، لكن الظروف تبدو مواتية لعودة الطاقة النووية. فوفق سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن أيه آي (  OpenAI)، ستحتاج شركات الذكاء الاصطناعي نحو 250 غيغاوات من الطاقة خلال ثماني سنوات، أي ما يعادل استهلاك البرازيل.

ويتوقع المحللون أن الطلب على الطاقة من مراكز البيانات سيتضاعف بحلول 2030، في حين أن الغاز الطبيعي قد يلبّي 60٪ فقط من الحاجة، مع تأخر توريد التوربينات لأربع سنوات. أما الفحم والرياح والطاقة الشمسية، فهي إمّا غير مرغوبة أو غير موثوقة لمتطلبات التشغيل المستمر.

دعم سياسي وتكنولوجي

تلقى المفاعلات النووية الصغيرة دعمًا غير مسبوق. فقد ألغت إدارة ترامب مشاريع الرياح والطاقة الشمسية، بينما وسعت الحوافز الضريبية للطاقة النووية لتصل إلى 40% من الاستثمار.

كما أعادت هيكلة هيئة الرقابة النووية لتسهيل منح التراخيص، مع تشجيع الشركات الناشئة على بناء مفاعلاتها في قواعد عسكرية أو مواقع تاريخية مثل "مختبر أيداهو الوطني".

يصف بعض المستثمرين الطاقة النووية بأنها "الطلقة الفضية" لمواجهة التغير المناخي، وفق درو وانزيلاك من شركة  "أَلُمْنَي فِنْتشرز" .

عودة النووي

لم يكن المستقبل النووي مشرقًا بعد حادث فوكوشيما 2011، وما أعقبه من إغلاق مواقع في اليابان وألمانيا، كما عانت الصناعة الأمريكية منذ حادث نووي على إحدى جزرها في عام 1979.

غير أن التحديات التنظيمية والتكاليف الباهظة لم تمنع المستثمرين من ضخ أموالهم في تصميمات المفاعلات الصغيرة، خاصة بعد غزو روسيا لأوكرانيا 2022 وزيادة الطلب على الطاقة من الذكاء الاصطناعي.

نماذج مبتكرة

 تستخدم شركة كايروس باور نظامًا مبتكرًا بتبريد الملح المنصهر ووقود  ترايسو ، الذي يضمن مقاومة المفاعلات للانصهار والهجمات الإرهابية. أما فالار أتوميكس ، فتطور مفاعلاتها بحرص على أن تكون "تويوتا كورولا المفاعلات، وليس لامبورغيني"، (في إشارة إلى الرغبة في تحقيق الاعتمادية الطويلة والأداء المستدام).

أوكلو، دون حتى بناء مفاعل تجريبي، استفادت من الاهتمام العام وطرحها للاكتتاب العام في 2024، بينما تواصل  تيرا باور (TerraPower ) وبيل غيتس(Bill Gates  ) تطوير مفاعل الملح المنصهر دون الحصول على موافقة هيئة الرقابة بعد 17 سنة من الاستثمار.

النووي الكبير لا يزال خيارًا

بالإضافة إلى المفاعلات الصغيرة، تستثمر شركات مثل ويستنغهاوس ( Westinghouse ) وفيرمي أميركا (Fermi America ) في مفاعلات كبيرة تقليدية، مدعومة بإجراءات تسريع التراخيص من الإدارة الأمريكية، مع خطط لتوفير الطاقة لمراكز بيانات ضخمة. وفق توبى نيوجيباور، الرئيس التنفيذي لـ فيرمي، فإن الهدف هو جعل تكساس مركزًا للطاقة النووية لدعم الذكاء الاصطناعي، مع منافسة الصين في مجال الطاقة النووية.

الطاقة النووية الصغيرة تعود بقوة، مدفوعة بالطلب المتزايد من الذكاء الاصطناعي، الدعم السياسي، والابتكار التكنولوجي. بينما تواجه الشركات الناشئة تحديات تنظيمية وهندسية، يبدو أن الوقت الحالي يمثل فرصة تاريخية لإعادة بناء قطاع نووي متقدم، قادر على تلبية احتياجات العالم للطاقة النظيفة والموثوقة.

المصدر: فوربس