تنزيل التوجيهات الملكية يُعزز تجسيد أولويات المرحلة التنموية الجديدة

أكتوبر 20, 2025 - 00:00
 0
تنزيل التوجيهات الملكية يُعزز تجسيد أولويات المرحلة التنموية الجديدة

يشهد المغرب اليوم انطلاقة مرحلة جديدة في مسار التنمية الترابية المندمجة، تقوم على تعبئة جماعية ومسؤولية مشتركة بين مختلف مكونات الدولة، من حكومة ومؤسسات منتخبة ومجتمع مدني وقطاع خاص ومواطنين. 

وهي مرحلة حسب ما شدد عليه بلاغ المجلس الوزاري المنعقد برئاسة الملك محمد السادس، تستوجب تسريع التنفيذ الميداني للسياسات العمومية المندمجة التي تضع المواطن في صلب التنمية، وتترجم التوجيهات الملكية السامية إلى مشاريع واقعية وملموسة على أرض الواقع.

وفي هذا السياق، واستحضارًا لمضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية، وكذا خطاب العرش المجيد ليوم 29 يوليوز 2025، فإن تنزيل النموذج التنموي الجديد يدخل مرحلة نوعية قوامها العدالة المجالية، والنجاعة في الأثر، وتثمين الخصوصيات المحلية لكل مجال ترابي.

تعزيز الجهوية المتقدمة كخيار استراتيجي لا رجعة فيه

تُعد الجهوية المتقدمة إحدى الدعائم المركزية للنموذج التنموي الجديد، وتجسيدًا للتعليمات الملكية السامية الرامية إلى تمكين الجهات من الاضطلاع بأدوارها الكاملة في التخطيط والتمويل والتنفيذ.

وفي ضوء التوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش لسنة 2025، تمثل الجهوية المتقدمة الإطار الأمثل لتنزيل جيل جديد من البرامج الترابية المندمجة، المؤسسة على تثمين خصوصيات كل جهة وضمان التكامل والتضامن بين مختلف الكيانات الترابية.

وتقتضي هذه الرؤية الجديدة الحرص على انسجام البرامج الجهوية مع النموذج التنموي الجديد وأدوات التخطيط الاستراتيجي المعتمدة، بما يتيح تخطيطًا متماسكًا وتوزيعًا أمثل للموارد، إلى جانب تعزيز التنسيق وضمان تتبع فعّال.

فالجهوية المتقدمة ليست مجرد إصلاح إداري، بل هي مدخل لترسيخ العدالة المجالية وتقريب القرار التنموي من المواطن، ووسيلة عملية لتحفيز الاستثمار المحلي وتثمين المؤهلات الذاتية لكل جهة، انسجامًا مع التوجه الملكي الرامي إلى جعل كل جهة فاعلًا رئيسيًا في التنمية الوطنية الشاملة.

كما يستوجب هذا الورش تعزيز المقاربة التشاركية عبر تنظيم مشاورات جهوية ومحلية تجمع الفاعلين الترابيين من منتخبين ومصالح لا ممركزة ومؤسسات عمومية وفاعلين اقتصاديين واجتماعيين، لإعداد برامج ترابية مبنية على تشخيص دقيق وبيانات محينة، وفق مقاربة تستهدف الفئات السكانية ذات الأولوية.

وتُمثل هذه الخطوات ترجمة عملية للرؤية الملكية الرامية إلى تحويل الجهة من مجرد إطار إداري إلى فضاء استراتيجي منتج للثروة ومولد للفرص، بما يضمن الارتقاء التنموي المتوازن بين مختلف ربوع المملكة.

إحداث مناصب الشغل للشباب ضمن مقاربة إنتاجية جديدة

يُعد ملف التشغيل، وخاصة تشغيل الشباب، تحديًا وطنيًا محوريًا يجسد التزام الدولة بجعل العمل اللائق مدخلًا للكرامة والتنمية.

وفي هذا السياق، يبرز التوجيه الملكي السامي الداعي إلى جعل التشغيل في صلب البرامج الترابية الجديدة، عبر تحديد الإجراءات والمشاريع ذات الأثر المباشر على خلق فرص الشغل، انطلاقًا من الإمكانات الاقتصادية المحلية وخصوصيات كل مجال ترابي.

وتستوجب المرحلة الحالية اعتماد جيل جديد من الآليات الداعمة للتشغيل، يقوم على الربط بين التكوين والاستثمار والإنتاج، مع تشجيع المبادرات المقاولاتية المحلية والمشاريع الصغرى والمتوسطة المولدة لفرص العمل.

ومن بين المحاور العملية في هذا المجال: إطلاق برامج جديدة للتشغيل الذاتي والمقاولة الناشئة، تبسيط مساطر التمويل والمواكبة والتوجيه، وتحفيز الاستثمارات المحدثة للشغل في القطاعات الواعدة ذات البعد الترابي، وتفعيل ميثاق الاستثمار كرافعة مركزية لتحفيز المبادرات الخاصة، خاصة في العالم القروي والمراكز الصاعدة.

إن التشغيل وفق الرؤية الملكية السديدة ليس مجرد ملف اجتماعي، بل هو ورش وطني للتنمية والإدماج الاقتصادي والاجتماعي، يتطلب تعبئة متكاملة من الدولة والمجتمع، ويشكل أحد المرتكزات الأساسية لجيل التنمية الجديد الذي دعا إليه جلالة الملك نصره الله.