كابوس جديد يطارد الكابرانات… تعيين "لوران نونيز" وزيرًا للداخلية الفرنسية يهزّ قصر المرادية

تعيش الجزائر على وقع صدمة جديدة هزّت أركان النظام العسكري بعد إعلان تعيين محافظ شرطة باريس السابق "لوران نونيز"، وزيرًا للداخلية الفرنسية.
الخبر نزل كالصاعقة على رؤوس الجنرالات و أذرعهم الإعلامية، التي لم تكد تنهي احتفالاتها برحيل الوزير السابق "برونو ريتايو"، حتى وجدت نفسها أمام رجل يعرف جيدًا خبايا ملفاتهم السوداء وفضائحهم الأمنية في فرنسا.
وارتباطا بالموضوع، تشير تقارير إعلامية إلى أن "نونيز" ليس وجهًا جديدًا في المشهد الأمني الفرنسي، بل إنه الرجل الذي تابع عن قرب تفاصيل قضية اختطاف المعارض الجزائري "أمير بوخرص"، المعروف باسم "أمير DZ"، وهي القضية التي فجّرت فضيحة مدوية بعد تورط موظفين قنصليين جزائريين في عملية احتجاز غير قانونية على الأراضي الفرنسية، ما دفع النيابة العامة لمكافحة الإرهاب إلى فتح تحقيق رسمي.
الشاهد على ما سلف ذكره، أنه خلال مقابلة تلفزيونية بثتها قناة CNEWS شهر أبريل الماضي ظهر "لوران نونيز" متحفظًا في تصريحاته، موضحًا أن القضية لا تزال بيد القضاء ولا يمكنه الخوض في تفاصيلها.
ومع ذلك، أشار إلى أن الأمر يتعلق فعلاً باختطاف معارض جزائري معروف، وأن التحقيقات التي شاركت فيها عناصر من شرطة باريس والشرطة القضائية تمت بدقة كبيرة.
وأضاف أن الموقوفين، ومن بينهم موظف في القنصلية الجزائرية، يخضعون لتحقيقات قضائية في إطار العدالة المستقلة، مؤكدًا أن فرنسا تحترم مبدأ الفصل بين السلطات في مثل هذه القضايا.
وحين سأله الصحافي عن ما إذا كانت القضية تتعلق بتدخل أجنبي، أجاب "نونيز" بعبارة لافتة: "لا أستطيع تأكيد ذلك إطلاقًا"، وتابع قائلا: "شهدنا في السابق أعمالًا مشابهة استهدفت معارضين من دول أخرى… وهناك دول أخرى أيضًا".
ثم ختم حديثه بعبارة تحمل الكثير من الدلالات، حيث قال في هذا الصدد: "حين تكون القضية مرتبطة باعتبارات سياسية لدول أجنبية، يمكن فعلا اعتبارها شكلًا من أشكال التدخل الخارجي، وغالبًا ما يكون الأمر كذلك".
بهذه الجملة، يكون "نونيز" قد وضع أصبعه على مكمن الجرح، بعد أن أشار ضمنيًا إلى أن ما جرى ليس حادثًا فرديًا، بل حلقة في سلسلة من التجاوزات الخطيرة التي تمارسها أجهزة النظام الجزائري في الخارج، في سعيها المحموم لإسكات الأصوات المعارضة.
مصادر فرنسية مطلعة تؤكد أن الملفات القضائية في فرنسا لا تُغلق بتغيير الوزراء، بل تُستكمل من حيث توقفت، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بجرائم تمس الأمن والسيادة.
ومن هنا، فإن تعيين "لوران نونيز"، الذي يعرف كل تفاصيل هذه القضايا، يعني أن التحقيق في اختطاف "أمير DZ" سيأخذ منحًى أكثر عمقًا، وربما أكثر إيلامًا للنظام الجزائري.
وعموما، يمكن القول أن الوجع يتواصل داخل جسد العصابة الحاكمة في الجزائر، التي تدرك أن باريس اليوم لم تعد تتغاضى عن التجاوزات باسم "العلاقات التاريخية"، وأن الوزير الجديد للداخلية ليس غريبًا عن دهاليز الأجهزة الأمنية ولا عن خيوط "الشبكات الجزائرية" التي تحركها بعض القنصليات والسفارات تحت غطاء دبلوماسي.
والمؤكد أن الكابرانات كانوا يراهنون على أنه مع رحيل "برونو ريتايو" ستطوي صفحة هذه القضايا، لكن تعيين "نونيز" جاء كصفعة مدوية، إذ سيعيد لا محالة فتح الجرح القديم ويُنبئ بأن أبواب الجحيم القضائي قد تُفتح قريبًا في وجه المتورطين في جرائم عابرة للحدود.