‏كيف غيّـر جيل زد قواعد اللعبة في سوق الأسهم؟

ديسمبر 12, 2025 - 10:05
 0
‏كيف غيّـر جيل زد قواعد اللعبة في سوق الأسهم؟

شهدت أسواق المال العالمية، في العقد الأخير، تحولًا كبيرًا في سلوك المستثمرين الأفراد، يقوده دخول جيل "زد" السريع إلى الساحة، حيث لم يعد الاستثمار محصورًا في قاعات التداول أو عبر خدمات المستشارين التقليديين.

أسست الثورة الرقمية الشاملة والوصول الفوري عبر الجوال لظهور نمط استثماري جديد يتميز بالمخاطرة الكبيرة، والاعتماد الكبير على الأصول المشفرة، والتركيز على الأفق الزمني الأقصر.

ويشير تقرير لمؤسسة "تشارلز شواب" إلى أن هذا الجيل لا يكتفي بامتلاك الأسهم فحسب، وإنما يعمل على إعادة تعريف الأدوات والقنوات الأساسية للتداول، بل ويعيد تعريف مستويات المخاطرة المقبولة، فالأدوات دائمًا سريعة وفيها قدر أكبر من التحكم، ولكن المخاطرة عالية للغاية وفي كثير من الأوقات بلا ضوابط.

دخول مبكر وثقة كبيرة

ويمكن اعتبار أن أول تغيير أحدثه جيل زد يتمثل في العمر الذي يقررون فيه البدء بالاستثمار، مقارنة بمن سبقوهم، حيث يبدأ أفراد هذا الجيل الاستثمار في سن مبكرة جدًا، حيث يبلغ المتوسط 19 عامًا فقط، وهو ما يمثل قفزة زمنية كبيرة مقارنة بالجيل "الميلينيال" (25 عامًا)، أو جيل "إكس" (32 عامًا)، فضلًا عن جيل "البومرز" (35 عامًا)، وفقًا لدراسة لـ"تشارلز شواب" لعام 2024.

وانعكس هذا الانخراط المبكر في السوق على معدلات المشاركة الإجمالية، حيث كشفت دراسة أمريكية أن 56% من شباب جيل زد في الولايات المتحدة (18–25 سنة) يمتلكون بالفعل استثمارات وإن كان الكثير منها متدني القيمة بسبب حداثة أعمارهم النسبية وعدم قدرتهم على مراكمة الثروات خلالها.

وفي الصين، يقول أكثر من 90% من المواطنين الحاصلين على تعليم جامعي، ممن تتراوح أعمارهم بين 22 و32 عامًا، إن الاستثمار يشكل جزءًا أساسيًا من التخطيط لديهم وإن الأساليب التقليدية لجمع المال، مثل ملكية العقارات، لم تعد الجانب الأبرز في خططهم المالية.

وهذه الثقة الكبيرة في دخول الأسواق المالية مرتبطة بتحسن غير مسبوق في الوصول إلى الأدوات الرقمية، حيث إن جيل زد نما وعيه مع التطبيقات، وبالتالي فقد أصبح المستفيد الأكبر من سهولة فتح الحسابات والتداول بلا عمولات، وبلغت نسبة المتداولين من جيل "زد" و"ألفا" الذين يعتمدون على الجوال فحسب في التداول أكثر من 94%.

كما يبرز اعتماد مكثف على "يوتيوب" و"تيك توك" كمصادر أولية للمعلومات والتحليل، فقد تحولت عملية اتخاذ القرار من "الاستشارة التقليدية" إلى المحتوى القصير.

واللافت أن هذه الثقة تبدو غير مبررة إلى حد بعيد، بعد عمل اختبارات للثقافة المالية والاقتصادية الصحيحة للمستثمرين من مختلف الأجيال اتضح أنها تبلغ 13% بين أبناء جيل زد، وترتفع تدريجيًا لتصل إلى 47% بين أفراد الجيل المولود مباشرة في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

ميل للمخاطرة والأصول غير التقليدية

وعلى خلاف الأجيال التي سبقتهم، والتي اعتادت على المزج التقليدي بين الأسهم والسندات، يضع جيل "زد" وزنًا أعلى بكثير للأصول غير التقليدية، وفي طليعتها العملات المشفرة.

وتشير بيانات هيئة تنظيم الصناعة المالية لعام 2024 إلى أن 55% من مستثمري جيل زد في الولايات المتحدة يمتلكون "كريبتو"، وهي نسبة تتفوق على ملكيتهم للأسهم الفردية والتي تبلغ 41%، وصناديق الاستثمار والبالغة 35%.

ويتفق هذا بوضوح مع رغبة الجيل الحديث في الحصول على الأصول ذات المخاطرة العالية طمعًا في الحصول على عوائد كبيرة، فالغرض الأساسي للاستثمار ليس حماية رأس المال أولًا بقدر البحث عن تنميته.

ولم يقتصر هذا الاتجاه على الولايات المتحدة، بل تعزز عالميًا، حيث إن ما يقارب من ثلث مستثمري الجيل زد مستعدون لوضع نسبة لا تقل عن 5% من محفظتهم في الأصل عالي المخاطر.

ويجد أكثر من نصف المستثمرين الذين تقل أعمارهم عن 44 عامًا أن الكريبتو "أسهل فهمًا" من الأسهم والسندات وصناديق المؤشرات المتداولة، وفقًا لتقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي.

ولهذا السبب، يخصص الشباب ذوو الثروات العالية حصة بدائل (مثل الكريبتو) تصل إلى 17% من محفظتهم، مقابل 5% فقط للأكبر سنًا، الأمر الذي يؤكد التحول الجوهري في تعريف الأصل الاستثماري "الأساسي" لهذا الجيل.

وهنا يجب ملاحظة أن سهولة الوصول الفوري والتأثير القوي لمحتوى مواقع التواصل الاجتماعي أدى إلى سلوك تداولي أكثر ميلًا للمغامرات قصيرة الأجل وأكثر ميلًا للمخاطرة، فما يقارب 40% من جيل زد والميلينيال يتفقدون محافظهم يوميًا، وهم أكثر ميلًا للمضاربة اليومية وتداول الخيارات والشراء بالهامش مقارنةً بالأجيال الأكبر.

بل وتبلغ نسبة من يقومون بـتداولات يومية أكثر من 15%، ومن يقومون بتداول واحد على الأقل أسبوعيًا 26%، وهي نسبة مرتفعة للغاية.

تحركات كثيرة لرأس المال

وتكشف دراسة من الهند، وهي إحدى أهم الأسواق الناشئة في العالم، ومن ضمن الأعلى نموًا عالميًا، أن 60% من المستثمرين الشباب يتخذون قراراتهم بناءً على محتوى وسائل التواصل الاجتماعي، أي أنهم يعتمدون على الاستنتاج النهائي دون القيام بتحليل خاص لهم، و49% منهم أقروا بأن أسلوبهم الاستثماري أصبح أكثر اندفاعًا بعد متابعة المحتوى المالي.

والشاهد أن الهند نفسها شهدت زيادة كبيرة في أعداد المستثمرين بسبب تأثير الشباب، فقد أصبح هناك أكثر من 120 مليون شخص مستثمرين بحلول 2023، وغالبية هؤلاء المستثمرين تتراوح أعمارهم بين 22 و35 عامًا، وكان أثر ذلك حدوث تضخم كبير في السوق الهندية، حيث أصبح متوسط مضاعف الأرباح للشركات الهندية الثاني عالميًا بعد الولايات المتحدة.

ويتدخل المستثمرون الشباب الذين يعتمدون على وسائل التواصل لإدارة محافظهم بمعدل 10 مرات شهريًا، مقارنة بـ0.5 مرة فقط -أي مرة كل شهرين في المتوسط- لدى من لا يعتمدون على هذه المنصات.

وجيل زد يقومبخيارات مغامرة في سوق الأسهم بشكل عام، حيث إن 43% منهم يقبلون على تداول الخيارات، مقابل 10% فحسب لمن هم أكبر من 55 عامًا.

في هذا السياق، فأبناء هذا الجيل يميلون بشدة لصالح التحليل الفني والسلوكي السريع على حساب الأساسي الكلاسيكي، حيث يعتمدون على منشورات "الفينفلونسرز" (أي المؤثرين العاملين في مجال المال) ومنصات الفيديو بدلًا من تقارير البحث المالي المطولة، وهو نمط أقرب إلى منهجية التوقيت اللحظي ومراقبة السعر مقارنةً بمنهجية التحليل الأساسي التقليدي.

وفي هذا الإطار، إن استخدام قناة تداول واحدة للأصول التقليدية والرقمية عبر نفس التطبيقات أدى إلى تغيير في ديناميكيات السوق. فوجود قناة مشتركة، مقترنة بعقلية "الفرصة السريعة"، يرفع من تقلب التداولات القصيرة، ويزيد من التنقل بين فئتي الكريبتو والأسهم، حيث يصبح تدوير الأصول أسرع عبر التطبيق ذاته.

بل وكشفت تقارير حديثة أن الكثير من الشباب والمراهقين بدأوا الاستثمار في سوق الأسهم بناء على نصيحة الذكاء الاصطناعي، بعد استشارته في طرق تنمية الموارد المالية، وعلى سبيل المثال أشارت دراسة إلى أن طلاب المدارس الثانوية بدأوا باستخدام أدوات مثل "شات جي بي تي" لاتخاذ قرارات تداول، مما أدى إلى خسائر مالية متوسطة بلغت 500 دولار لكل مستثمر بسبب نقص المعرفة المالية.

ويبدو أن تأثير جيل زد، وربما جيل ألفا (من 2012 -2027) لاحقًا سيكون بزيادة حالة عدم الاستقرار في السوق، لا سيما مع وصول البعض لمرحلة تحويل التداول للعبة، فالتركيز المستمر على التداول قصير المدى، مع سيادة اتجاه بعينه تحركه وسائل التواصل، يؤدي لظهور اتجاهات قصيرة للغاية بيعًا وشراءً.

لهذا على المستثمر الانتباه جيدًا، لأن هذا التطور سيستمر مستقبلًا بل وغالبًا ما سيتنامى، مما يزيد من أهمية الدراسة الجيدة للأسهم وأساساتها، وعدم التأثر بموجات الهبوط أو الصعود المؤقتة.

المصادر: أرقام- تشارلز شواب- المنتدى الاقتصادي العالمي- بلومبرغ- فوربس- ياهو فاينانس




في مشهد يتداخل فيه الاقتصاد مع الثقافة الرقمية، يظهر "التداول من أجل المتعة" كأحد أكثر التحولات السلوكية إثارة في السنوات الأخيرة.

فلم يعد الدافع وراء الدخول إلى منصات التداول محصورًا في تحقيق العوائد أو بناء الثروات، بل أصبح في كثير من الأحيان قائمًا على الإثارة، والتجربة؛ أو بعبارة أخرى الترفيه.

انتشار "التداول من أجل المتعة" جاء في وقتٍ لم تعد فيه الأسواق المالية حكرًا على المحترفين والمستثمرين التقليديين، بل باتت منصات التداول الجذابة وسهلة الاستخدام تفتح الأبواب أمام جمهور جديد من الشباب والمهتمين بالتقنية.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

هؤلاء المتداولون الجدد يتعاملون مع الاستثمار كما يتعاملون مع منصات الألعاب أو شبكات التواصل.

من الاستثمار إلى الترفيه

يطلق مصطلح التداول من أجل المتعة على سلوك الأفراد الذين يشاركون في تداول الأسهم أو العملات الرقمية أو غيرها من الأصول المالية، بدافع التسلية أو الفضول أو التفاعل الاجتماعي، وليس من منطلق استراتيجية استثمارية واضحة.

وقد بات هذا التوجه أكثر وضوحًا في عصر التطبيقات السهلة الوصول، ومنصات التواصل الاجتماعي، والمجتمعات الرقمية التي تحتفي بـ"الصفقات المثيرة".

يعود جزء كبير من هذا التحول إلى الطفرة التي شهدتها تطبيقات التداول المجانية وسهلة الاستخدام، مثل "روبنهود" و"إيتورو"، التي قدمت أدوات مالية معقّدة بطريقة مبسّطة وجذابة.

وقد أسهمت جائحة كورونا في تسريع هذا الاتجاه، حيث وجد ملايين الأفراد أنفسهم في منازلهم، يمتلكون الوقت والفضول وربما أيضًا جزءًا من مدخراتهم للاستثمار أو المضاربة في الأسواق.

لكن الأمر تجاوز الاستثمار بهدف الربح؛ فالمستخدمون باتوا يتابعون تحركات الأسواق كما يتابعون مباريات كرة القدم، ويشاركون "مغامراتهم" على منصات مثل  تيك توك أو يوتيوب، حيث أصبحت الثقافة المالية ممتزجة بعنصر الأداء والاستعراض.

عوامل ساعدت على الانتشار

ويُرجع كثيرون انتشار ظاهرة "التداول من أجل المتعة" إلى مجموعة من العوامل المتشابكة التي ساعدت في تحويل الأسواق المالية من ساحة للمستثمرين المحترفين إلى مساحة مفتوحة أمام الجمهور الواسع، وخاصة الشباب.

أول هذه العوامل هو سهولة الوصول إلى الأسواق، حيث جعلت تطبيقات التداول المجانية الدخول إلى عالم التداول أمرًا بسيطًا وسريعًا، لا يتطلب معرفة مالية متقدمة أو رأس مال كبير.

هذه السهولة شجعت الملايين حول العالم على تجربة التداول لأول مرة، في الوقت ذاته، لعبت ثقافة "الميم" ووسائل التواصل الاجتماعي دورًا محوريًا في الترويج لفكرة التداول كنوع من المتعة الجماعية.

وتحولت منصات مثل ريديت بالإضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، إلى ساحات للمشاركة في صفقات مثيرة مثل جيم ستوب وإيه إم سي، مدفوعة برغبة مجتمعية في خوض مغامرة جماعية أو حتى تحدي المؤسسات المالية الكبرى.

إلى جانب ذلك، ساهم شعور المتداولين الجدد بالتمكين والمشاركة في تعزيز جاذبية التداول.

فبالنسبة للكثير منهم، لم يكن الأمر مجرد محاولة لتحقيق الربح، بل وسيلة لاستعادة زمام السيطرة على القرارات المالية الشخصية، والمشاركة في نظام مالي ظلّ لفترة طويلة حكرًا على النخبة المالية أو المؤسسات الكبرى.

ولا يمكن تجاهل تأثير فترات الإغلاق الطويلة أثناء جائحة كوفيد-19، التي أدت إلى شعور عام بالملل لدى فئات واسعة من الناس، خاصة في ظل فائض الوقت والقيود المفروضة على الأنشطة الاجتماعية.

مقارنة بين التداول التقليدي والتداول بدافع المتعة

العنصر

التداول التقليدي

التداول من أجل المتعة

الهدف الأساسي

عوائد طويلة الأجل

الإثارة والتجربة الاجتماعية

مدة الاحتفاظ بالأصول

متوسطة إلى طويلة

قصيرة أو لحظية

مصدر القرار

تحليل مالي وأبحاث

توصيات منصات التواصل  في الغالب

المنصة المستخدمة

وسطاء ماليون محترفون

تطبيقات سهلة وسريعة

درجة المخاطرة

محسوبة

مرتفعة أو عشوائية

 

ووجد كثيرون في التداول ملاذًا يجمع بين الترفيه وإمكانية تحقيق عوائد سريعة، ما ساهم في دخول ملايين الأفراد إلى الأسواق لأول مرة.

أخيرًا، شكّل غياب البدائل ذات العائد المجدي عاملًا إضافيًا في تغذية هذه الظاهرة رغم مخاطرها.

حينما يتحول الهواة إلى محللين

لم يعد الخبراء التقليديون هم من يوجّهون قرارات المستثمرين، بل في العديد من الأحيان يقوم مجتمع من المتداولين الهواة الذين يتبادلون الأفكار والمخاطر في مناخ أشبه بالألعاب الجماعية بهذه المهمة.

وقد عزز نجاح بعضهم – كما حدث مع سهم "جيم ستوب" – الشعور بإمكانية هزيمة الأسواق، وأن التداول هو ساحة للمغامرة والانتصار الفردي، وليس فقط الأرقام والتحليلات، ورغم أن الدافع قد يكون "المرح"، إلا أن العواقب قد تكون جادة.

وأظهرت دراسة من مؤسسة فينرا في الولايات المتحدة أن المتداولين الأفراد الذين يتخذون قرارات سريعة بدافع الإغراء اللحظي غالبًا ما يتكبدون خسائر كبيرة.

 في المقابل، ترى بعض الجهات التنظيمية أن هذه الظاهرة تستحق مراقبة مكثفة لأنها قد تؤثر على استقرار الأسواق، خاصة في ظل المضاربة الجماعية.

أمثلة من الواقع

ظاهرة التداول من أجل المتعة لم تعد مجرد توجه عابر، بل أصبحت واقعًا ملموسًا في العديد من الأسواق المالية حول العالم، وهو ما تؤكده البيانات الصادرة عن الجهات التنظيمية وشركات الوساطة.

فقد أشارت البيانات إلى أن عدد الحسابات المموّلة خلال 2023–2024 في أمريكا قد تراوح ما بين 23 و25 مليون حساب، وهو ما يعكس استمرار الزخم بعيدًا عن فقاعة "ميم‑ستوك" 2021.

كما أن ربحية  روبنهود في 2024 واستقرار عدد المستخدمين النشطين توضح نضج المنصة بعد جهود لتعزيز الثقة والربحية.

أما في الهند، فهناك نقلة نوعية في حجم التداولات تُظهر أن المستثمرين الجدد يحتلون حيزًا واسعًا في السوق حتى وإن كان ذلك بأسلوب "محفوف بالمخاطر".

وشهدت البورصة الوطنية وبورصة بومباي هناك موجة غير مسبوقة من دخول المستثمرين الأفراد، لا سيما من فئة الشباب وسكان المدن الصغيرة.

وبحسب بيانات هيئة الأوراق المالية الهندية، جرى فتح أكثر من 14 مليون حساب تداول جديد خلال عام واحد – بزيادة فاقت 45% مقارنة بالعام السابق.

كما لوحظ أيضًا أن العديد من هؤلاء المستثمرين الجدد استخدموا التطبيقات التي تسوّق خدماتها بعبارات مثل "ابدأ التداول في دقائق" أو "اجعل أموالك تعمل من أجلك بطريقة ممتعة".

كما شهدت أوروبا موجة صعود في شعبية تطبيقات مثل ترادينج 212 في المملكة المتحدة وريفوليت على مستوى القارة، مدعومة باستراتيجيات تسويق تركز على الترفيه وسهولة الاستخدام.

هذه الأمثلة تؤكد أن ظاهرة "التداول من أجل المتعة" لم تعد مقصورة على سوق بعينه، بل أصبحت نمطًا عالميًا يتغذى على تقاطع بين التكنولوجيا، الثقافة الرقمية، والرغبة في الإثارة والمشاركة الاجتماعية.

ما الذي ينبغي مراقبته؟

رغم أن ظاهرة "التداول من أجل المتعة" تبدو في ظاهرها مجرد موجة شبابية عابرة، فإن المؤشرات المتراكمة من الأسواق العالمية توحي بأنها تمثل تحوّلًا أعمق في العلاقة بين الأفراد والمال.

وبات من الواضح أن شريحة متزايدة من الأفراد، خاصة من جيل الألفية والجيل زد، لم تعد تنظر إلى الاستثمار كوسيلة حصرية لبناء الثروة على المدى الطويل، بل باتت تعتبره جزءًا من أنماط الحياة الرقمية – مزيجًا من التسلية، التجريب، والشعور بالتمكين المالي.

وهنا تظهر تساؤلات جوهرية حول دور المنصات الرقمية نفسها التي باتت تستخدم عناصر تصميم مأخوذة من ألعاب الفيديو وتطبيقات التواصل الاجتماعي، مثل الإشعارات اللحظية، والجوائز البصرية، ومؤشرات الأداء اللحظي، بما يعزز ارتباط المستخدم بالتطبيق نفسيًا.

تُثير هذه الميزات التفاعلية التي تبدو ممتعة تساؤلات حول الحاجة إلى تنظيمات جديدة تحكم التصميم السلوكي للمنصات وتفرض ضوابط ضد "إدمان التداول".

أما على مستوى الأسواق نفسها، فإن أنماط التداول المدفوعة بـ"الضجيج الجماعي" لا تمرّ دون أثر.

فالمضاربات القصيرة المدى التي يقودها الأفراد عبر منصات التواصل قد ترفع أسعار بعض الأصول إلى مستويات غير مبررة، هذه الموجات قد تُضخّم من تقلبات الأسواق وتخلق فقاعات يصعب تفسيرها بالأدوات التقليدية، مما يشكّل تحديًا لصنّاع السياسة المالية والمستثمرين المحترفين على حد سواء.

في المحصلة، يعكس التداول من أجل المتعة تحوّلًا ثقافيًا عميقًا في الطريقة التي يُنظر بها إلى المال، ولذلك في زمن أصبحت فيه الأسواق أقرب إلى لعبة اجتماعية، يبقى السؤال متى ينتهي اللعب وتبدأ فاتورة المغامرة؟

المصادر: أرقام- بلومبرج- فايننشال تايمز- سي إن بي سي- رويترز- مؤسسة فينرا- مركز بيو للأبحاث- ريديت- معهد المحللين الماليين المعتمدين