المغرب يدخل سباق الغواصات الحربية.. مفاوضات لاقتناء أول قطعة بحرية تحت الماء لتعزيز قدراته القتالية

يدخل المغرب مرحلة جديدة في تحديث قدراته البحرية، بعد أن كشفت تقارير متخصصة عن إجراء الرباط مفاوضات متقدمة لاقتناء غواصة صالحة للعمليات، في خطوة تُعد الأولى من نوعها في تاريخ القوات المسلحة الملكية.
القرار يُقرأ في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى حماية شريط ساحلي واسع يتجاوز 3500 كلم على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، وسد فجوة قدرات ملموسة لدى البحرية التي لم تعتمد الغواصات سابقاً.
المساعي التجارية تضمنت عروضاً متعددة ومنافسة: العرض الفرنسي يقترح غواصات «Scorpène Evolved» المطورة، ذات إزاحة سطحية تتراوح بين 1,600 و2,000 طن، مزوّدة بأنابيب طوربيد (533 ملم) وأنظمة إدارة قتالية فرنسية متقدمة، مع إمكانات تركيب سونار حديث وبرامج دفع تعتمد على بطاريات ليثيوم-أيون أو وحدات AIP لزيادة فترة البقاء تحت الماء، إضافة إلى عروض شراكة صناعية ونقل تكنولوجيا محلي.
من جهتها طرحت مجموعات ألمانية خيارات تضم غواصات تقنيات AIP قريبة من فئة «Dolphin/HDW» وإصدارات من سلسلة Type 209/1400 ذات سجل تصديري موثوق.
أما العرض الروسي فاشتمل على غواصات من فئة Amur-1650 المعروفة بقدرات تحسين الخفاء المائي ونطاق مهمات بعيد وأنظمة إطلاق متقدمة.
أهمية هذه الخطوة لا تقتصر على بعد تكتيكي بحت، بل تتجاوز ذلك إلى بُعد استراتيجي جيوسياسي واقتصادي: غواصة واحدة أو أكثر تمنح المغرب قدرة ردع تحت السطح، حماية للملاحة، ومزايا في مراقبة المسالك البحرية ومكافحة التهريب والهجرة السرية، فضلاً عن دور محتمل في حماية ثروات اقتصادية بحرية مستقبلية.
كما يحمل أي خيار تقني بنداً هاماً يتمثل في الاستفادة الصناعية المحلية ونقل التكنولوجيا لبناء قدرة وطنية صيانةً وتشغيلاً، وهو ما تبدو العروض الفرنسية والألمانية قد ضمَنَتْه كجزء من حوافزها التنافسية.
ورغم ما يكتنف الموضوع من حساسية ومفاوضات فنية ومالية معقدة، فإن الاتجاه نحو إدخال الغواصات إلى ترسانة البحرية الملكية يعكس تحوّلاً نوعياً في أولويات الدفاع البحري للمغرب، ويضع الرباط في موقع أوسع من الفاعلية في محيطه الإقليمي.
القرار النهائي سيعتمد على توازن بين القدرات التكنولوجية، شروط الشراكة الصناعية، الكلفة الإجمالية للاقتناء والصيانة، وأيضاً البعد الدبلوماسي المرتبط بشراكات التسلح في قارة متغيرة الجغرافيا السياسية.