بعد صفعة مجلس الأمن… الجزائر تمنح إيران منفذًا خطيرًا في تندوف لاستهداف استقرار المغرب (صور)

أكدت مصادر مطلعة أن الزيارة الأخيرة لوفد ديني شيعي من لبنان وسوريا إلى مخيمات تندوف تعكس تحولًا بالغ الخطورة في بنية الصراع بالمنطقة، بعدما أصبحت هذه المخيمات الواقعة على التراب الجزائري خاضعة عمليًا لهيمنة جبهة البوليساريو، خارج أي رقابة سيادية فعلية للدولة الجزائرية.
ويرى مراقبون أن هذا التحرك لا يندرج في إطار نشاط ديني أو تواصلي عابر، بل يمثل خطوة محسوبة تروم تثبيت مشروع اختراق طائفي وأمني تقوده إيران، في لحظة دقيقة تتزامن مع سلسلة انتكاسات دبلوماسية تعيشها الجزائر داخل أروقة الأمم المتحدة.
وفي السياق ذاته، تشير معطيات استخباراتية، وفق ما أكدته مصادر دبلوماسية، إلى أن الوفد الزائر يضم شخصيات مرتبطة بـ"جمعية الإصلاح والانتماء"، المقربة من دوائر النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا، ضمن مشروع يتجاوز الطابع الديني باتجاه بناء شبكة علاقات مباشرة مع قيادات البوليساريو، وربطها بأجندة تتقاطع مع مصالح الحرس الثوري الإيراني وأذرعه في الشرق الأوسط. ويرى متابعون أن هذا التواصل يعيد إلى الواجهة مخاوف قديمة من محاولة استنساخ نموذج "حزب الله" داخل شمال إفريقيا، عبر خلق ذراع عقائدي – عسكري في تندوف يخدم الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة.
ويأتي هذا التطور في ظرف حساس، عقب مصادقة مجلس الأمن على القرار 2797، الذي جدد التأكيد على جدية وواقعية مبادرة الحكم الذاتي المغربية، واعتبرها الإطار الأكثر قابلية للتطبيق، في انتصار دبلوماسي واضح للرباط، مقابل اتساع رقعة العزلة حول الطرح الانفصالي. ويرى المراقبون أن هذا القرار قوّض أوراق الجزائر والبوليساريو أمام المنتظم الدولي، ودفعهما إلى البحث عن داعمين جدد خارج الإطار الأممي، وهو ما يفسر ـ بحسب المصادر ذاتها ـ الاندفاع الإيراني نحو تندوف في هذا التوقيت تحديدا.
كما أشارت تقارير إعلامية إلى أن الجزائر والبوليساريو تواجهان ضغوطًا متزايدة بعد تزايد الدعوات الدولية لتصنيف البوليساريو "منظمة إرهابية"، بالنظر إلى تورط عناصرها في تهريب السلاح والاتجار العابر للحدود بمنطقة الساحل، إضافة إلى تسجيل نشاطات عسكرية هجومية انطلاقًا من تندوف الواقعة ترابيا داخل الجزائر. ويرى محللون أن أي تصنيف محتمل للبوليساريو كمنظمة إرهابية سيشكل ضربة استراتيجية للجزائر، إذ يعني اعترافًا دوليًا بأن ما يجري في تندوف ليس حركة تحرر كما تدّعي الجزائر، بل كيانًا مسلحًا خارج السيطرة يستغل الأراضي الجزائرية للتحرك ضد دولة عضو في الأمم المتحدة.
ويؤكد خبراء الأمن أن الخطر الأكبر لا يكمن فقط في وجود ميليشيا انفصالية فوق التراب الجزائري، بل أيضًا في احتمال تحول هذه المنطقة إلى قاعدة تدريب وتنسيق بين خبراء إيرانيين وعناصر من البوليساريو، في ما يشبه "الجسر الخلفي" الذي استخدمته طهران في لبنان وسوريا واليمن. وتشير مصادر متعددة إلى أن الجزائر توفر غطاءً سياسيًا ولوجستيًا لهذا النشاط، بينما تستثمر إيران في "منطقة بلا سيادة" داخل تندوف، بما يسمح لها ببناء جيب نفوذ استراتيجي لا يخضع لأي رقابة دولية.
وفي موازاة ذلك، يشدد المراقبون على أن المغرب، مستندًا إلى القرار الأممي الأخير، يجد نفسه أمام فرصة تاريخية لكشف طبيعة الخطر الذي بات يمثله تحالف الجزائر – إيران – البوليساريو، ليس فقط على أمن المملكة، بل على استقرار المنطقة المغاربية والساحل برمته. فالمغرب يعتبر أن أي مشروع لتشييد "حزب الله إفريقي" في تندوف خط أحمر، وأن التراب الجزائري أصبح، فعليًا، منصة تهديد تطال الأمن القومي المغربي، في سابقة لم تشهدها العلاقات المغاربية.
وتؤكد مصادر دبلوماسية رفيعة أن الرباط تتحرك في اتجاهين متوازيين:
الأول دبلوماسي، يستند إلى الزخم الدولي بعد قرار مجلس الأمن من أجل تعزيز تموقعها وإقناع الشركاء الغربيين بخطورة ما يجري في تندوف؛
والثاني أمني، يقوم على رفع درجة اليقظة لمواجهة أي محاولات اختراق أو تدريب أو تسليح تقودها أطراف خارجية. وتبرز المصادر ذاتها أن العالم بات اليوم أكثر وعيًا بأن النزاع لم يعد سياسيًا فقط، بل تحول إلى مسألة أمنية عابرة للحدود تتداخل فيها شبكات التهريب والسلاح والمشاريع الطائفية.
ويجمع أغلب المحللين على أن دخول إيران على خط هذا الصراع يرفع مستوى المخاطر، وقد يدفع نحو نقل التوتر من إطار نزاع إقليمي محدود إلى حالة عدم استقرار ممتدة من الأطلسي إلى الساحل. وفي المقابل، يظهر المغرب ـ وفق المصادر نفسها ـ في موقع قوة وتماسك، مستندًا إلى شرعية دولية متزايدة، وإلى نموذج ديني وسياسي معتدل يقطع الطريق أمام المشاريع الطائفية.
ويخلص مراقبون إلى أن الصراع دخل مرحلة جديدة، يصبح فيها المجتمع الدولي مطالبًا بحسم موقفه: إما دعم المسار الأممي الذي ينتصر للحل السياسي تحت السيادة المغربية، أو ترك المجال لتشكل ميليشيا إقليمية جديدة فوق التراب الجزائري، بكل ما يحمله ذلك من تهديد مباشر للأمن الإقليمي والدولي. وفي جميع الأحوال، تؤكد المصادر أن المغرب مستعد لكل السيناريوهات، وأن قواعد اللعبة تغيرت منذ القرار الأممي الأخير، وأن الرباط لن تسمح بتحويل تندوف إلى "ضاحية جنوبية جديدة" في قلب شمال إفريقيا.