تاريخ الخيانة والنهايات المُستحقة للمُهمات القذرة: من أنطوان لحد إلى ياسر أبو شباب

ديسمبر 6, 2025 - 13:15
 0
تاريخ الخيانة والنهايات المُستحقة للمُهمات القذرة: من أنطوان لحد إلى ياسر أبو شباب

يؤكد تاريخ العمالة في منطقتنا حقيقة ثابتة: الخيانة لا تبني مجداً، والتبعية لا تصنع قوة. مات "أنطوان لحد"في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر منسياً ٢٠١٥ في منفى ذليل، وقُتل ياسر أبو شباب في مشهد أكثر إذلالاً. بينما تبقى المقاومة وتنتصر، لأنها تمثل الإرادة الحقيقية للشعوب وتجسيد كرامتها. الدرس الأكبر هو أن الاحتلال لا يصنع إلا أدوات مؤقتة، بينما الشعوب تصنع تاريخاً دائماً.




الشرق الأوسط

خاص تسنيم/ أمل شبيب

مقدمة: سياسة فرق تسد الاستعمارية

منذ انطلاق المشروع الصهيوني على أرض فلسطين، اعتمدت الحركة الصهيونية ثم كيان الاحتلال الإسرائيلي على خلق كيانات وميليشيات محلية تنفذ أجندتها. هذه السياسة الاستعمارية لم تكن أبداً تكتيكاً مرحلياً، بل استراتيجية متجذرة في مبدأ "فرق تسد" الكلاسيكي، بهدف إضعاف المجتمعات العربية من الداخل وخلق طبقة عميلة توفر غطاءً مزيفاً للقمع والاحتلال. لقد كانت هذه الميليشيات بمثابة أذرع مسمومة تُدخل في جسد الأمة لتمزقه من الداخل، وكل منها حملت اسماً براقاً وزيفاً وطنياً لتخفي خيانتها البشعة.

ولادة العميل: أنطوان لحد وتحويل الجنوب اللبناني إلى سجن كبير

بدأت قصة "أنطوان لحد" عندما انشق عن الجيش اللبناني عام ١٩٧٦، ليشكل بدعم مباشر من المخابرات الإسرائيلية ما عُرف بـ "جيش لبنان الجنوبي". تحول هذا الجيش، الذي كان من المفترض أن يدافع عن الجنوب، إلى أداة قمع وترهيب بيد الاحتلال الإسرائيلي خلال فترة وجوده في جنوب لبنان. كان لحد ورفاقه يتحركون تحت غطاء إسرائيلي كامل، وارتدوا الزي العسكري ليس كجنود وطنيين، بل كحراس شخصيين لمشروع احتلال. لقد حوّلوا القرى اللبنانية إلى ثكنات عسكرية، والحقول إلى معسكرات اعتقال، والبيوت إلى مراكز تحقيق وتعذيب.


جرائم "جيش لحد": سجل أسود في تاريخ الجنوب

مارس "جيش لحد" تحت قيادة "أنطوان" سلسلة من الجرائم المنظمة ضد شعب أعزل. ففي مراكز التعذيب التي أقامها في الخيام ومارون الراس، سُمعت صرخات آلاف المعتقلين الذين تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي. أما الاعتقالات التعسفية فقد طالت كل من يشك في ولائه، حيث اقتيد الآلاف إلى السجون دون محاكمة. ولم تتوقف الجرائم عند هذا الحد، بل امتدت إلى المجازر الجماعية المتنقلة التي ذبح فيها العشرات والمئات من المدنيين بشكل وحشي. ولعل أبشع ما فعله هذا "الجيش" العميل هو التهجير القسري لآلاف العائلات من قراها وبيوتها، وتحويلها إلى لاجئين في أرضها، بينما نهبوا ممتلكاتهم وموارد أرزاقهم تحت سمع الاحتلال وبصره.

الهروب والموت في المنفى: نهاية الخائن المحتقر

مع إنسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي وهزيمته، على يد مجاهدي المقاومة الإسلامية والعمليات التي نفذها رجال المقاومة في جنوب لبنان،في الخامس والعشرين من أيار عام ٢٠٠٠، كشفت اللحظة الحقيقة المرة لكل عميل: أنهم مجرد أدوات قابلة للإستبدال والتخلص منها. تخلى الاحتلال عن أنطوان لحد وعن آلاف عناصر ميليشياه الذين خانوا وطنهم، تاركاً إياهم يواجهون مصيرهم المحتوم. هرب "لحد" إلى الداخل الإسرائيلي حيث عاش في منفى ذليل، مكروهاً من شعبه الذي خانه، ومحتقراً من أولئك الذين استخدموه ثم تخلوا عنه. 
سيناريو الخيانة يتكرر: ياسر أبو شباب وغزة المحاصرة

بعد أن نجحت المقاومة الإسلامية في لبنان في دحر الاحتلال وكشف خيانة عملائه، حاولت أجهزة المخابرات الإسرائيلية تكرار نفس السيناريو في قطاع غزة بعد الانسحاب فظهر  ياسر أبو شباب كواحد من العناصر التي وظفها الاحتلال  لإنشاء قوة فلسطينية عميلة في القطاع. كان المخطط يشبه إلى حد كبير مخطط "جيش لحد"، لكن باختلافات في التفاصيل وتماثل في النهاية المأساوية. اكتشفت المقاومة الفلسطينية مخططات أبو شباب وعلاقاته المشبوهة مع الاحتلال، وتمت تصفيته خلال شهر كانون الأول/ديسمبر ٢٠٢٥  لتنهي بذلك محاولة أخرى لزرع عميل في جسد المناطق الفلسطينية المحتلة.

العوامل المشجعة على الخيانة: تشريح نفسي واجتماعي

يمكن فهم ظاهرة الخيانة من خلال تحليل العوامل النفسية والاجتماعية التي تدفع الفرد نحو هذا الهاوية الأخلاقية، إذ يأتي الطموح الشخصي غير المحدود في مقدمة هذه العوامل، حيث يبحث الخائن عن منصب وسلطة لا يستحقها، فيبيع ضميره ووطنه مقابل كرسي زائل. كما أن الضعف الأخلاقي وغياب المبادئ الوطنية يشكلان تربة خصبة للخيانة، حيث يسهل على من لا مبادئ له أن يغير ولاءه وفقاً لمصالحه الشخصية. ولا يمكن إغفال دور الإغراء المالي، فالمال غالباً ما يكون المحرك الرئيسي لأولئك الذين يضعون ثمنهم فوق كرامة وطنهم. كما يلعب الانتقام الشخصي دوراً خطيراً، حيث يحول بعض الأفراد خلافاتهم الشخصية مع فصائل أو أفراد إلى خيانة وطنية واسعة. 

وأخيراً، فإن الجهل السياسي وعدم إدراك حقيقة المشروع الصهيوني يجعل البعض يظنون أنهم يتعاملون مع شريك، بينما هم في الحقيقة أدوات في يد محتل.

كيف يخدع الخائن نفسه قبل الآخرين

يطور الخونة آليات دفاع نفسية معقدة لتبرير أفعالهم الشنيعة لأنفسهم أولاً، وللمجتمع ثانياً. يلجأون إلى إنكار الوطنية والادعاء أن الوطن "لا يستحق" الولاء، وكأن الخيانة فعل بطولي. كما يضخمون المظالم الشخصية ليحولوها إلى قضايا مبدئية تبرر انقلابهم.

ويهربون إلى الادعاء بالواقعية السياسية، زاعمين أن الخيانة "خيار عملي" في مواجهة واقع قاس، كما يصل بهم الغرور إلى تأليه الذات، فيصورون أنفسهم كمخلصين وحيدين يقودون شعبهم نحو "مستقبل أفضل" عبر التعاون مع المحتل.

مقاومة العمالة: استراتيجيات النجاح وبناء الوعي

طورت حركات المقاومة في لبنان وفلسطين استراتيجيات متطورة لمواجهة ظاهرة العمالة، حيث أدركت أن المواجهة العسكرية وحدها لا تكفي. بدأت بالتربية الوطنية وتعزيز الانتماء والهوية الوطنية منذ الصغر، فالشعب الواعي يصنع حائط صد منيع أمام محاولات التجنيد. كما اعتمدت على الاستخبارات الشعبية، حيث أصبح المجتمع نفسه خط الدفاع الأول في كشف العملاء وتعطيل مخططاتهم. ولم تتردد في الحسم العسكري عند الضرورة، فتصدت بحزم لكل محاولات إنشاء ميليشيات عميلة. 

 لماذا تفشل سياسة صناعة العملاء؟

يقدم تاريخ العمالة في المنطقة دروساً واضحة عن أسباب فشل سياسة صناعة العملاء.

أولاً، يغيب عن العملاء أي شرعية شعبية، فلا يمكن للعميل أن يحكم أو يؤثر دون دعم خارجي دائم. 

ثانياً، يواجه الخائن رفضاً شعبياً جذرياً، فالمجتمعات العربية ترفض بشكل قاطع من يبيع وطنه وكرامة أمته. 

ثالثاً، يوجد تناقض جوهري في المصالح، فمصالح الاحتلال تتعارض حتماً مع مصالح الشعب المحلي مهما حاول العملاء التوفيق بينهما. 

رابعاً، تتعلم المقاومة من كل تجربة، فتصبح أكثر حكمة وقدرة على مواجهة المخططات المستقبلية.

آليات التجنيد المتطورة: من الابتزاز إلى التمويه الأيديولوجي

لم تعد أساليب التجنيد تقليدية، بل تطورت لتصبح أكثر دهاءً وتعقيداً. اعتمدت أجهزة "الشاباك" والموساد على آليات مبتكرة تبدأ بالتجنيد بالابتزاز، حيث تستغل العلاقات العاطفية أو الممارسات الشخصية للإيقاع بالضحية في شباك لا فكاك منها. كما انتشر الفساد المنظم عبر صفقات تجارية وهمية تبتلع المسؤولين الطامحين في ثراء سريع. لكن الأخطر كان التمويه الأيديولوجي، حيث قدمت العمالة على أنها "تعاون أمني مرحلي" أو "تنسيق مصلحي" يخدم الشعب الفلسطيني. ولم تتردد أجهزة الاحتلال في استغلال الأزمات الإنسانية المأساوية، فحولت التصاريح الطبية والسفر للعلاج إلى عملات مساومة قيّمة، تدفع بالأهالي اليائسين إلى فخ التعاون متعدد الأوجه.

ظهور القبضايات: البلطجية المسلحون كذراع جديد للاحتلال

برزت في الضفة ظاهرة خطيرة تمثلت في جماعات مسلحة تعمل تحت غطاء أمني رسمي، لكنها في جوهرها تنفذ أجندة الاحتلال. هؤلاء "البلطجية" لم يكونوا مجرد مجرمين عاديين، بل تحولوا إلى ميليشيات منظمة تعمل تحت الأضواء وخلف الكواليس. مارسوا أعمالهم تحت شعارات براقة مثل "مكافحة الفساد" أو "فرض القانون والنظام"، بينما كانوا في الواقع يخوِّفون الناشطين والمقاومين بأساليب شبه عسكرية. لقد خلقت هذه الجماعات فوضى أمنية محسوبة بدقة، تبرر تدخل الاحتلال المباشر تحت ذريعة "استعادة النظام". الأسوأ من ذلك، أنها حولت الصراع الوطني ضد المحتل إلى صراعات داخلية قبلية وعراقيل أمنية، مزقت النسيج الاجتماعي وشغلت الشعب عن عدوه الحقيقي.

اغتيالات المقاومين: عندما يصبح إبن البلد جلاّداً

شهدت الضفة حالات مأساوية لمقاومين قُتلوا على يد أبناء جلدتهم المتعاونين مع الاحتلال. قصة محمد الكوع من قلقيلية تظل جريمة نكراء، حيث دخل عليه من يفترض أنهم زملاؤه في العمل الأمني، ليطلقوا النار عليه بدم بارد داخل بيته الآمن. أما عمر أبو ليلى من سلفيت، فسقط في كمين محكم نُصب له بخديعة أمنية دبرها رجال يعرفهم ويأمن جانبهم. وفي نابلس، تم إعدام مجموعة مقاومة ميدانياً بعد تسريب معلومات دقيقة عن تحركاتهم وأنشطتهم. كل هذه الحوادث تكشف وحشية جديدة في أسلوب التعامل مع المقاومة، حيث لم يعد الخطر يأتي من الجنود الإسرائيليين عند الحواجز فقط، بل من الجار ووالصديق والزميل الذي باع روحه للاحتلال.

تحالف الجريمة مع المخابرات: المافيا كذراع اقتصادي للعمالة

كشفت تحقيقات صحفية عديدة عن تحالفات خطيرة بين شبكات الجريمة المنظمة وأجهزة المخابرات الإسرائيلية، إذ أصبحت شبكات تهريب المخدرات خاصة من الحدود الأردنية، قنوات اتصال وتجسس نشطة. فيما تحول تجار السلاح غير المرخص إلى وسطاء في صفقات تخريب الأمن الداخلي. وبرزت مافيا الأراضي والمستوطنات كأخطر أدوات التهجير البطيء، بينما استخدمت شبكات الدعارة والاتجار بالبشر كأدوات ابتزاز وإذلال. 

لم تكن هذه الشبكات مجرد مصادر تمويل للميليشيات العميلة فحسب، بل تحولت إلى قنوات اتصال مباشرة مع الجريمة الإسرائيلية المنظمة، وشكلت أدوات فعالة في تفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني من خلال نشر الفساد الأخلاقي والمادي.

مشروع تفكيك الهوية: وثيقة مسربة تكشف الاستراتيجية الإسرائيلية

كشفت وثيقة مسربة من "الشاباك" تعود لعام 2021 عن استراتيجية ممنهجة لتدمير الهوية الوطنية الفلسطينية من الداخل.

تضمنت الوثيقة خططاً لتشجيع الإدمان عبر غض الطرف عن انتشار المخدرات في مخيمات وقرى محددة، تحولت بموجبها إلى بؤر للتفكك الاجتماعي. كما هدفت إلى تدمير القيم الاجتماعية عبر دعم مظاهر الانحلال الأخلاقي في مناطق استراتيجية، واتبعت سياسة مدروسة لتفكيك العائلة الفلسطينية عبر برامج "تمويل وتمكين" مشبوهة، تهدف في جوهرها إلى تفتيت السلطة الأبوية والقيم العائلية المتوارثة. 

كما عملت على خلق نخبة منحلة من خلال انتقاء وتدريب جيل من القادة الشباب المنفصلين عن تراثهم وهُويتهم، ليحملوا لواء التطبيع والاستسلام تحت شعارات الحداثة الزائفة.
مقاومة العمالة: نجاحات شعبية واستراتيجيات وطنية

لم تستسلم المقاومة الفلسطينية لهذا الغزو الخفي، بل طورت آليات دفاعية متطورة. تشكلت لجان المقاومة الشعبية في القرى والمدن كخط دفاع أول، تعمل على كشف العملاء وتوعية المجتمع. كما نجحت الحملات الإعلامية الجريئة في فضح العديد من المتعاونين عبر منصات التواصل الاجتماعي، رغم المخاطر الأمنية الكبيرة

. وطبقت المجتمعات المحلية سياسة المقاطعة الاجتماعية، فعزلت عوائل العملاء ومعاملهم التجارية، محولة الخيانة إلى خيار غير مجد اقتصادياً واجتماعياً. وفي الجانب التربوي، تم دمج التربية الوطنية والمقاومة في البرامج التعليمية في المدارس والمساجد والكنائس، لتعزيز المناعة الأخلاقية لدى الأجيال الجديدة

تحديات العصر الرقمي: التكنولوجيا في خدمة التجنيد

واجهت المقاومة تحديات جديدة مع تطور تكنولوجيا التجنيد، حيث استخدمت أجهزة الاحتلال الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة لاستهداف الأفراد الأكثر عرضة للاختراق. وظهرت أشكال جديدة من العمالة "النظيفة"، حيث لم يعد المتعاونون يقدمون معلومات أمنية مباشرة فحسب، بل تحولوا إلى محللين سياسيين واجتماعيين يقدمون قراءات معمقة تساعد في صناعة القرار الإسرائيلي. وواجهت المؤسسات الفلسطينية تحدياً وجودياً مع اختراق الفساد لأجهزة رسمية بكاملها، وليس أفراداً معزولين فقط. وبرز تكتيك "الحصان الطروادي" الخطير، حيث أدخلت أجهزة المخابرات عملاءها عبر منظمات المجتمع المدني والدولي تحت غطاء العمل الإنساني والتنموي.

كيف تصنع الميليشيات العميلة

تتبع صناعة الميليشيات العميلة أنماطاً متشابهة عبر مختلف البلدان. تبدأ باستغلال الانقسامات الطائفية فتحولها من خلافات يمكن إدارتها إلى هوّات لا تُجسر، ثم تعمل على تحويل الصراعات الاجتماعية والاقتصادية إلى حروب أهلية دموية، يستفيد منها المحتل والعميل معاً. ولا تتردد في استخدام المال السياسي السخي لشراء الولاءات وخلق طبقة من المنتفعين الجدد. كما تنسج شبكة معقدة من التنسيق مع قوى إقليمية ودولية منافسة للمشروع الوطني، فتصبح الميليشيات رهاناً في صراع أكبر، ووسيلة لتصفية الحسابات على حساب الشعوب.


دماء الشهداء تمحو العميل وعمالته

ظاهرة العمالة ليست مجرد مشكلة أمنية عابرة، بل هي أزمة وجودية تمس جوهر الهوية الوطنية وكرامة الأمة. النجاح في مواجهتها لا يأتي بالقمع الأمني فقط، بل بإعادة بناء العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع، وباستعادة الثقة الجماعية بأن المستقبل سيكون للشعب ولأبنائه المخلصين، وليس للعملاء والخونة.

التاريخ يعلمنا أن الأمم تنتصر ليس عندما يكون لديها أسلحة أقوى، بل عندما يكون لديها قيم أوثق، وإرادة أصلب، وذاكرة أطول. الذاكرة هنا هي سلاحنا الأقوى - أن نتذكر دائماً مصير كل من باع وطنه: العزلة، الذل، ثم النسيان. وأن نعلم أن دماء الشهداء التي سقطت على يد العملاء، ستبقى ناراً في قلوب الأحرار، وشعلة في طريق التحرر، ودرساً لأجيال الغد كي لا تكرر مأساة الأمس.

فالشعوب التي تحفظ تاريخها لا تُهزم، والتي تكرس كرامتها لا تُستعبد، والتي تؤمن بعدالة قضيتها لا تستسلم. وبينما يموت الخائن منسياً، يخلد المقاوم في قلوب شعبه، وتنتصر الإرادة الحرة على كل محاولات الاستعباد والاختراق. هذه هي الحقيقة الأبدية، وهذا هو مصير كل خائن، في كل زمان ومكان.

ذاكرة الشعوب أقوى من خيانة العملاء

يؤكد تاريخ العمالة في منطقتنا حقيقة ثابتة: الخيانة لا تبني مجداً، والتبعية لا تصنع قوة. مات "أنطوان لحد"في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر منسياً ٢٠١٥ في منفى ذليل، وقُتل ياسر أبو شباب في مشهد أكثر إذلالاً. بينما تبقى المقاومة وتنتصر، لأنها تمثل الإرادة الحقيقية للشعوب وتجسيد كرامتها. الدرس الأكبر هو أن الاحتلال لا يصنع إلا أدوات مؤقتة، بينما الشعوب تصنع تاريخاً دائماً. 

وفي المعادلة التاريخية بين المقاومة والخيانة، تبقى كفة الحق والكرامة هي الراجحة، لأن الشعوب تتعلم من تاريخها، وتخلد أبطالها، وتلعن خائنيها. كل خائن هو فصل مأساوي في رواية النضال، ولكن النهاية تكون دوماً للنضال المشرف، وليس للخيانة الذليلة. فالشعوب التي تحفظ وتقدس أرضها وتكرس كرامتها، هي وحدها القادرة على كتابة نهايتها السعيدة، مهما طال زمن المحنة وعظمت أدوات الخيانة.

/انتهي/