هل دقت ساعة الحساب؟ الجزائريون يقلبون الطاولة على الكابرانات ويطالبون بمحاسبة المسؤولين عن تبديد أموال الشعب على قضية "الصحراء" الخاسرة

أثار قرار مجلس الأمن الدولي الذي أكد مساء أمس الجمعة، شرعية المغرب في صحرائه، حالة من الغليان الشعبي غير المسبوق في الجزائر، حيث عبر المواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم الشديد تجاه نظام الحكم المعروف باسم "الكابرانات". ردود الفعل حملت انتقادات حادة للتبذير الذي طال أكثر من 500 مليار دولار خلال خمسين سنة من الصراع على قضية لا تخدم مصالح الشعب، بينما المواطن الجزائري ما زال يكافح من أجل الحصول على أبسط الخدمات الأساسية.
المتابعون للشأن الداخلي يشيرون إلى أن الشارع الجزائري يعيش اليوم حالة من الاحتقان والغضب الشعبي غير المسبوق، حيث ارتفعت أصوات عديدة مطالبة بمحاسبة كل المسؤولين عن إهدار أموال الدولة، وهو الخطاب الذي تصدر كل النقاشات عبر مواقع التواصل، مع شعور واسع بأن النظام لم يعد يعكس مصالح المواطنين، وأن أمواله وموارده الطبيعية الضخمة من البترول والغاز كان بالإمكان توجيهها نحو تحسين مستوى المعيشة والتنمية الداخلية.
في المقابل، تبرز آلاف المنشورات حالة استياء جماعي من أن النظام الجزائري الذي لم يحترم يوما أواصر العروبة والجوار والإسلام والنسب التي تربطه بالمغرب، وأصرّ بكل ما يملك من أساليب وإمكانيات على الدخول في صراعات وعداء متواصل مع الرباط من أجل معركة خاسرة. الشعب الجزائري يرى اليوم أن هذا التعنت كان قرارًا خاطئًا ضيع موارد الوطن وفرص التطور، ما جعله يطالب بطي صفحة العداء والعودة إلى منطق الجوار والمصالح المشتركة للشعبين.
إلى جانب ذلك، تلقى الشعب الجزائري بكل فرح وسرور وترحيب رسالة الملك محمد السادس التي ألقاها جلالته أمس الجمعة بمناسبة هذا التاريخي، والتي دعا فيها إلى الحوار المباشر مع الرئيس "عبد المجيد تبون" الذي وصفه بـ"الأخ العزيز"، حيث رأى في هذه المبادرة فرصة لإعادة العلاقات بين البلدين وتجاوز صراعات الماضي، خصوصًا أن المغرب لم يسجل عليه أي موقف عدائي تجاه الجزائر، بل كان داعمًا لها في محطات عديدة، خاصة خلال سنوات الانعتاق من قبضة الاستعمار الفرنسي.
ومع ذلك، هناك فئة قليلة ما تزال تحاول الحفاظ على خطاب الكراهية والعداء، مستفيدة من الوضع الراهن، بينما الأغلبية الساحقة من المواطنين تدعو إلى تصحيح المسار الوطني والتركيز على التنمية، ومحاسبة المسؤولين عن تبديد الأموال، واستثمار الموارد في مشاريع تنموية حقيقية تعود بالنفع على الشعب.
اليوم، يمكن القول إن الجزائر تعيش حالة غير مسبوقة من الغليان الشعبي، مع مطالب واضحة بالمساءلة والعدالة الاقتصادية والاجتماعية، وتركيز كامل على التنمية الداخلية بدل الانغماس في صراعات خارجية لم تعد تمثل أي قيمة للجزائريين.