من داخل اليونيسكو.. دولة الإمارات الشقيقة رفضت إدراج القفطان المغربي ملفا مشتركا

ظل صدى النقاش داخل أروقة UNESCO مرتفعا منذ صباح أولى جلسات اللجنة الحكومية المكلفة بصون التراث اللامادي، حيث ظهر في هذه الجلسات جليا، أن ملف القفطان المغربي ليس مجرد ترشيح ثقافي، بل معركة رمزية بين مواقف دولية، دفعت بجملة من المحطات الدبلوماسية نحو نقطة حاسمة.
وكانت دولة الجوار — الجزائر — قد دخلت إلى القاعة وهي تراهن على ما وصفته بمحاولة "تعديل تاريخ التراث" من خلال اقتراح تسجيل القفطان في قائمة اختصاصاتها الثقافية، عبر تعديل ملفات متراكمة سابقا، في ما بدا كمناورة لنزع البصمة المغربية عن القفطان، أو على الأقل اتهام الرباط بأنها تحتكر التراث.
لكن السيناريو لم يسر كما أراد الكابرانات، حيث تبين سريعا أن الملف المغربي — المعد منذ أشهر من طرف وزارة الثقافة والمندوبية الدائمة للمغرب لدى اليونسكو — جرت برمجته ضمن جدول أعمال اللجنة في خانة الترشيحات الجديدة (بند 7.b)، ما يجعل أي محاولة لتغييره عبر "تعديل" مسبق محاطة بعيوب قانونية وإجرائية واضحة.
وفي تلك اللحظة، دخلت دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب دول أخرى، لدعم المسار القانوني الذي اختارته الرباط، مؤكدة أن القفطان المغربي ملف سيادي ومغربي خالص، ولا أمل لأي محاولة "تسجيل مشترك"، مضيفة أن القفطان مرتبط بحدود المغرب وفقط.
كما بدت مشاركة دولة فرنسا محورية، إذ اقترحت في كواليس النقاش حذف كلمة "مشترك" من أي صياغة محتملة للترشيح، واستبدالها بـ"منتشر" — وهو تعديل صيغوي بحت، لكنه حمل دلالة رمزية قوية، فحواها أن القفطان المغربي انتشر أو استخدم في دول أخرى، لكن أصوله وهويته تبقى مغربية؛ وهو ما لقي قبولا داخل اللجنة.
ولم ينجح المقترح الجزائري في النهاية، ولم يتم اعتماد أي ملف مشترك، إذ تم اعتماد القفطان المغربي كما قدمه المغرب، بشكل منفرد وبصياغته الأصلية، حيث جاء القرار تقريبا بالإجماع، ليشكل مكسبا دبلوماسيا وحضاريا للمغرب في صراع طويل امتد لعقود، حاولت فيه بعض الأطراف تجاهل أصول القفطان أو نسبته إلى غير مستحق.
ولا يسجل القفطان المغربي بهذا الإدراج فقط ضمن قائمة التراث اللامادي للإنسانية، لكن تثبت له صفة ملكية ثقافية خالصة للمغرب، تحفظ له بالنص قبل الحفظ بالإجراءات، وهو انتصار لجهود أجيال من الحرفيين، لكن أيضا رد على محاولات تزوير التاريخ عبر الملفات، ومؤشر على أن الهوية تدافع عنها أصلا قبل أن تروج أو تباع.
أما الدرس الأعمق لهذه اللحظة التاريخية، فهو أن الحوز على التراث ليس مسألة جماليات، بل مسألة هوية وسيادة، إذ لم يدخل القفطان فقط لائحة اليونسكو، بل دخل إلى سجل ما تمثله المغرب من حضارة وكرامة وذاكرة لا تقسم.