قرية العُميان في قلب الصحراء.. لغز وراثي حير العلماء

ديسمبر 10, 2025 - 23:30
 0
قرية العُميان في قلب الصحراء.. لغز وراثي حير العلماء

في أعماق الصحراء الموريتانية، تقبع قرية "دالي كوامبي" كأحد أكثر الأماكن غموضاً على وجه الأرض، حيث يعيش سكانها في عزلة شبه تامة، ويشهدون منذ قرون ظاهرة وراثية استثنائية: ولادة واحد من كل اثنين تقريباً فاقداً للبصر.

تقع هذه القرية النائية على بُعد نحو ألف كيلومتر من العاصمة نواكشوط، وتُوصف بأنها الأكثر عزلة في البلاد، ما يجعل الوصول إليها تحدياً حقيقياً حتى للباحثين والمستكشفين. ويرى علماء الوراثة أن الانغلاق الجغرافي وغياب التنوع الجيني ساهما في ترسيخ اضطراب جيني نادر يؤدي إلى العمى، متناقل عبر الأجيال.

لكن داخل القرية، هناك تفسير مختلف تماماً. فوفقاً لروايات الأهالي، تعود هذه الظاهرة إلى نبوءة قديمة مضى عليها عشرة أجيال، تحدثت عن قدوم رجل صالح أعمى، وجعلت من فقدان البصر "قَدَراً مقدّساً" توارثته الأجيال دون مساءلة.

ورغم قسوة الحياة وفقدان البصر، يُظهر سكان "دالي كوامبي" مهارات تأقلم مذهلة، حيث يتنقلون داخل منازلهم وطرقاتهم الرملية بدقة ملفتة، معتمدين على اللمس والسمع والذاكرة المكانية، بالإضافة إلى شبكة تضامن اجتماعي قوية تعوّضهم عن غياب الخدمات الأساسية.

فالقرية تفتقر إلى الكهرباء والإنترنت والمرافق الطبية، لكن أهلها يواصلون حياتهم بإصرار، مستندين إلى نمط معيشي تقليدي ووعي جمعي تشكّل عبر قرون من التحديات. بل ويستقبلون زوّارهم النادرين بترحاب دافئ، مشاركينهم القصص والمعتقدات التي نسجتها ألسنة الأجداد.

وبينما لا يزال الخبراء يربطون الظاهرة بالعزلة الجينية، تبقى "دالي كوامبي" لغزاً إنسانياً وعلمياً حيّاً، ووجهة مفتوحة أمام الدراسات الوراثية والوثائقيات العالمية، التي تحاول سبر أغوار هذا المجتمع الفريد حيث يتقاطع العلم بالإيمان، والأسطورة بالواقع.